الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الرحم لها شأن عظيم، أمر الله تعالى بصلتها، وأكد على ذلك تأكيدا، ونهى عن قطيعتها، وتوعد على القطيعة توعدا شديدا. وراجعي النصوص في ذلك بالفتوى رقم: 145359.
وبناء على هذا، فلا يجوز لكم قطع أرحامكم، والواجب عليكم صلتهم وإن قطعوكم، وأدنى الصلة ترك الهجران والصلة ولو بالكلام أو السلام، كما بينا بالفتوى رقم: 47724.
فإن لم يتقوا الله فيكم فاتقوا الله فيهم، وإن آذوكم فاصبروا على أذاهم، فبالتقوى والصبر تنالون حماية رب العالمين، قال تعالى: وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ {آل عمران: 120}.
وأما ترك زيارتهم خشية الضرر مثلا فلا حرج فيها.
ومن التقوى أيضا عدم اتهام الناس بعمل السحر إلا ببينة واضحة، وما ذكرت أنك رأيت من رؤى وأحلام فإنها لا تنبني عليها أحكام.
ومن غلب على ظنه أنه مصاب بالسحر فليواظب على الرقية الشرعية من غير أن يتهم بهذا السحر أحدا من الناس. وراجعي في الرقية من السحر الفتوى رقم: 5433.
وأما ما ذكرت عن زوجك من عدم قيامه بواجب الإنفاق عليك وأولاده على الوجه المطلوب مع قدرته على ذلك فأمر منكر وظلم بين.
ويجب عليه أن ينفق عليك وعلى أولاده بالمعروف، وأن يعدل بينك وبين زوجته الأخرى فيما يجب فيه العدل، وميل الزوج إلى إحدى زوجاته دون الأخرى منهي عنه شرعا، وورد فيه الوعيد الشديد. وقد سبق بيانه بالفتوى رقم: 4955.
وإذا لم يمسك الزوج بمعروف فليفارق بإحسان، وأما تركه زوجته كالمعلقة لا بأيم ولا بذات زوج فأمر غير جائز.
وننبه هنا إلى أن للزوجة الحق في الرجوع على زوجها التارك للإنفاق عليها إن لم تكن ناشزاً، ولها الحق ـ أيضاً ـ في أخذ ذلك مما تمكنت منه من ماله بقدر حقها. وراجعي الفتويين رقم: 22155 19453
وكذلك يجوز للأم الرجوع بما أنفقت على أولادها إن أنفقت عليهم بنية الرجوع بها على زوجها. وراجعي الفتوى رقم: 76604 والفتوى رقم: 31634.
ويمكن رفع الأمر إلى القاضي الشرعي عند حصول النزاع.
وننبه أيضا إلى أنه يجب على الآباء التسوية بين أولادهم في العطايا، ولا يجوز لهم تفضيل بعضهم على بعض إلا لمسوغ شرعي كما سبق أن بينا بالفتوى رقم: 5348.
وينبغي لهم التسوية بينهم حتى في الأمور العاطفية لئلا يحملهم عدم التسوية في ذلك إلى الوقوع في العقوق والقطيعة.
والله أعلم.