الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله لك العافية مما ألم بك من الداء العظيم، واعلم أن الدواء الناجع في علاج الوسوسة هو الإعراض عن الوساوس وعدم الالتفات إليها مهما عظمت، أو كثرت، فإنها من الشيطان يريد أن يصد بها العبد عما فيه مصلحته، وقد أخطأت ـ أيها الأخ الفاضل ـ حين مكنت الشيطان من نفسك ليبذر فيها بذور الشر حتى حملك على ترك الصلاة الذي هو من أعظم الذنوب، فعليك أن تبدأ في الحفاظ على صلاتك ولا تضيعها ولا تفرط في شيء منها فإن طاعة الله هي سبب السعادة في الدنيا والآخرة، وإن وسوس لك الشيطان أنك إنما تصلي من أجل الامتحانات فأعرض عن وسوسته وقل له بلسان حالك، بل إني أصلي لله تعالى، وأمارة ذلك أنك ستحافظ على الصلاة ـ إن شاء الله ـ حتى بعد أن تنقضي الامتحانات.
وأما سلس البول: فننصحك أن لا تطيل المكث في الخلاء، بل متى فرغت من حاجتك فانهض، ثم إن كنت تتضرر بالتحفظ بشد خرقة على الموضع فلا يلزمك ذلك، ونرى أن لك سعة ـ إن شاء الله ـ في الأخذ بمذهب مالك فإنه يسير جدا في هذا الباب ريثما يشفيك الله عز وجل من الوسوسة، وعلى مذهب مالك ـ رحمه الله ـ لا يضرك ما يخرج منك من البول، ولا يلزمك غسل ما يصيب بدنك وثوبك من هذه النجاسة فإنه يعفى عنها للمشقة، واعلم أنه لا يجب عليك عند أحد من العلماء تبديل ثيابك ولا غسلها جميعها لأجل ما يصيبها من البول، وإنما يلزمك غسل الموضع المتنجس بالبول فحسب، وعلى مذهب مالك فالأمر سهل ـ إن شاء الله ـ وقد بينا لك أنه لا حرج عليك في العمل به ريثما تتحسن حالك ـ إن شاء الله ـ واعلم أن الأصل عدم انتقال النجاسة من جسم لآخر حتى يحصل اليقين الجازم بانتقالها، فإذا فعلت ما أرشدناك إليه كان الأمر سهلا جدا ولم يكن عليك فيه أي مشقة، وأما وساوس الاعتقاد فلا تلتفت إليها، بل تعوذ بالله منها كلما عرضت لك وجاهد نفسك على التخلص منها واعلم أنها لا تضرك ما دمت كارها لها نافرا منها كما هو الحال، وانظر للفائدة الفتاوى التالية أرقامها، 134196، 51601، 147101.
فنكرر نصحنا لك ـ أيها الأخ الكريم ـ أن تخرج نفسك من هذا الجو الكئيب وأن تقبل على شأنك غير مكترث بهذه الوساوس وأن تمارس حياتك بصورة عادية وأن تجتهد في دراستك مستعينا في ذلك كله بالله تعالى، ولا حرج في أن تراجع طبيبا نفسيا، فإن هذا أمر حسن وهو امتثال لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتداوي، كما يمكنك مراجعة قسم الاستشارات بموقعنا.
والله أعلم.