الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالسرقة من كبائر الذنوب، وقد رتب الله تعالى عليها في الدنيا عقوبة عظيمة في قوله سبحانه: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {المائدة:38}.
وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده.
لكن من استتر بستر الله عليه، ولم يفضح نفسه بالكشف عما ألم به، فذلك هو الأولى لقوله صلى الله عليه وسلم: " اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها ، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله تعالى ، وليتب إلى الله تعالى ، فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله ". رواه الحاكم من حديث ابن عمر ، ورواه مالك في الموطأ مرسلاً عن زيد بن أسلم .
وأما ما فعله من ذلك قبل البلوغ فلا إثم عليه فيه لقوله صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاثة :عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل" أخرجه أصحاب السنن وأحمد والحاكم وغيرهم.
لكن عليه ضمان ما سرقه سواء سرقه قبل البلوغ أو بعده؛ لأن عدم التكليف إنما يسقط الإثم ولا يسقط الضمان، ولا بد في التوبة من مظالم الناس من رد الحق إلى صاحبه والتحلل منه.
والقاعدة الشرعية فيما اعتدي عليه وأتلف من حق الغير بغصب أو سرقة ونحوها أن المثلي يضمن بمثله، والمتقوم يضمن بقيمته.
جاء في الموسوعة الكويتية: لا خلاف بين الفقهاء في وجوب رد المسروق إن كان قائما إلى من سرق منه، سواء كان السارق موسرا أو معسرا، وسواء أقيم عليه الحد أو لم يقم، وسواء وجد المسروق عنده أو عند غيره، لما روي من أن الرسول صلى الله عليه وسلم رد على صفوان رداءه وقطع سارقه. وقد قال صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤدي. ولا خلاف بينهم كذلك في وجوب ضمان المسروق إذا تلف.
وبالتالي فليس على الشاب أن يخبر أصحاب الأغراض بكونه قد سرقها منهم، بل يستتر بستر الله عليه، وإنما يلزمه إيصال الحق إليهم ولو بطرق غير مباشرة، ومن جهل صاحبه تصدق بقيمة المسروق عنه.
وأما من علم صاحبه فليس له أن يتصدق بحقه عنه، وإنما يلزمه إيصاله إليه ما أمكن ذلك. وانظر الفتويين رقم: 138761،23322 .
والله أعلم.