الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه الهدية لا يخلو حالها من أحد أمرين:
أولهما: أن تكون من جهة عملك تقديرا لجهدك وخدمتك، ولا حرج عليك في الانتفاع بها، ولو كنت متبرعا بعملك الإضافي.
والاحتمال الثاني: هو أن تكون تلك الهدية من مؤسسة من المؤسسات التي تتعاون معها لمصلحة جهة عملك، وحينئذ فإنها تكون من هدايا العمال المحرمة، ولا يجوز الانتفاع بها إلا إذا أذنت لك جهة عملك في ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: هدايا العمال غلول. صححه الألباني. وقال لرجل كان عاملا على الزكاة وقد أهديت له هدية : ما بال عامل أبعثه فيقول : هذا لكم وهذا أهدي لي، أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا؟ والذي نفس محمد بيده، لا ينال أحد منكم منها شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه. رواه البخاري ومسلم.
وهي لم تهد إليك إلا من أجل عملك وربما طمعا في محاباتك لتقدمها في المستقبل، ولسد هذا الباب فقد منع الشرع هدايا العمال الموظفين مطلقا ما لم تأذن جهة العمل للعامل في أخذها والانتفاع بها. وقد نقل عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أن رجلا أهدى له فخذ جزور، ثم أتاه بعد مدة معه خصمه فقال : يا أمير المؤمنين اقض لي قضاء فصلا كما يفصل الفخذ من الجزور ؟ فضرب عمر بيده على فخذه وقال : الله أكبر، اكتبوا إلى الآفاق : هدايا العمال غلول.
والله أعلم.