الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلمي أولا أن دين الله ـ والحمد لله ـ يسر وليس فيه تعنيت للعباد، أو تكليف لهم بما هو خارج عن وسعهم واعلمي كذلك أن الاسترسال مع الوساوس يؤدي إلى ضرر عظيم في الدين والدنيا فأعرضي عن الوساوس ولا تلتفتي إليها، وأما عن مسألتك فعلى فرض أن هذه الأزرار خشبية وأن النجاسة وصلت إلى باطنها فاعلمي أن العلماء اختلفوا في الإناء إذا تشرب النجاسة هل يطهر بالغسل أو لا؟ ونظير هذه المسألة ما إذا سقيت السكين نجاسة وكذا باطن الحب والعجين واللحم المتنجس هل يطهر كل ذلك بالغسل بناء على أن الباطن يطهر تبعا للظاهر ورفعا للحرج وحفظا لمالية هذه الأعيان، أو لا يطهر، لأننا لا نتحقق زوال النجاسة عن هذا الباطن المتنجس والقول بطهارة الباطن تبعا للظاهر في هذه المسائل كلها قول قوي متجه لا نرى حرجا في العمل به وبخاصة لمن كان مبتلى بالوسوسة، وهو المرجح عند الشافعية ونصره كذلك جمع من الحنابلة، قال المرداوي في الإنصاف: ولا يطهر ما عدا الماء والأدهان من المائعات بالغسل سوى الزئبق على ما تقدم، فلا يطهر باطن حب نقع في نجاسة بتكرار غسله وتجفيفه كل مرة على الصحيح من المذهب كالعجين وعليه الأصحاب، وعنه يطهر، قال في الفائق: واختاره صاحب المحرر وهو المختار ومثل ذلك خلافا ومذهبا الإناء إذا تشرب نجاسة والسكين إذا أسقيت ماء نجسا وكذلك اللحم إذا طبخ بماء نجس على الصحيح من المذهب، وقال المجد في شرحه: الأقوى عندي طهارته. انتهى.
وقال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: وإن سقيت سكين، أو طبخ لحم بماء نجس كفى غسلهما ولا يحتاج إلى سقي السكين وإغلاء اللحم بالماء وقوله كالروضة مع عصر اللحم مبني على ضعيف وهو اشتراط العصر. انتهى.
وفي روضة الطالبين للنووي: قال الشافعي ـ رضي الله عنه ـ في الأم في باب صلاة الخوف: لو أحمى حديدة ثم صب عليها سما نجسا، أو غمسها فيه فشربته ثم غسلت بالماء طهرت، لأن الطهارات كلها إنما جعلت على ما يظهر ليس على الأجواف. انتهى.
وإذا علمت ما قررناه زال عنك الإشكال في هذه المسألة ـ إن شاء الله.
والله أعلم.