الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبعد اطلاع مجلس مجمع الفقه الإسلامي على البحوث الواردة إليه بخصوص موضوع مداواة الرجل للمرأة وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله، قرر ما يلي: الأصل أنه إذا توافرت طبيبة متخصصة مسلمة يجب أن تقوم بالكشف على المريضة، وإذا لم يتوافر ذلك فتقوم بذلك طبيبة غير مسلمة ثقة، فإن لم يتوافر ذلك يقوم به طبيب مسلم، وإن لم يتوافر طبيب مسلم يمكن أن يقوم مقامه طبيب غير مسلم على أن يطّلع من جسم المرأة على قدر الحاجة في تشخيص المرض ومداواته، وأن لا يزيد عن ذلك وأن يغض الطرف قدر استطاعته، وأن تتم معالجة الطبيب للمرأة هذه بحضور محرم، أو زوج، أو امرأة ثقة خشية الخلوة، ويوصي بما يلي: أن تولي السلطات الصحية جُلَّ جهدها لتشجيع النساء على الانخراط في مجال العلوم الطبية والتخصص في كل فروعها، وخاصة أمراض النساء والتوليد، نظراً لندرة النساء في هذه التخصصات الطبية، حتى لا نضطر إلى قاعدة الاستثناء. اهـ.
وجاء في جواب لللجنة الدائمة للإفتاء: إذا كان هناك من يكفي من المتخصصات في طب النساء والولادة اقتصر عليهن ولم يجز لك أن تدرس فيه ولا أن تطلع على عورة المرأة بالتدريب في كشف عليها، أو إجراء عملية لها، وإن كان من تخصص في طب النساء والولادة من النساء غير كاف للقيام بالواجب في هذا الجانب ودعت حاجة المسلمين إلى تخصصك فيه جاز لك أن تدرس فيه، ورخص لك في رؤية ما تدعو الضرورة إلى كشفه من جسد المرأة لإجراء كشف، أو عملية، وإذا تيسر للمرأة أن يشخص مرضها ويعالجها طبيبة خبيرة في نوع مرضها لم يجز لها أن تكشف، أو تعالج عند طبيب، وإلا جاز لها ذلك. اهـ.
وبهذا يظهر أن جواب السائل يعتمد على توفر ما يكفي من النساء في هذا التخصص ـ النساء والتوليد ـ فإذا توفرن في بلد بحيث يبلغن حد الكفاية، لم يجز للطبيب المسلم الكشف عليهن أصلا، وليس فقط أن ينصحهن بالذهاب إلى الطبيبة المسلمة.
وأما إذا لم يتوفر من النساء ما يكفي للقيام بالواجب في هذا التخصص فلا بأس بعمل الطبيب المسلم في هذا المجال، وعندئذ فالأصل أن المرأة المسلمة التي تحتاج لمثل هذا الكشف هي التي تبحث عن الطبيبة، ولا تذهب للطبيب إلا إذا لم توجد طبيبة ذات كفاءة لحالتها، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 128275.
وإذا اعتمد الطبيب على هذا الأصل فلا يجب عليه أن ينصح من تأتيه بالذهاب للطبيبة، وإن كان هذا مما يستحسن، وعلى أية حال فإذا جاز للطبيب الكشف على النساء فإنه يجب عليه مراعاة الضوابط التي سبق ذكرها في الفتوى رقم: 8107.
والله أعلم.