الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتسمية عند الوضوء مستحبة وليست واجبة عند جمهور أهل العلم وهو الراجح، فلا يبطل الوضوء بتركها عمداً ولا سهواً، وأما الذكر أثناء الوضوء فقد اختلف فيه أهل العلم: فذهبت طائفة منهم إلى استحباب قول ذكر معين عند غسل كل عضو من أعضاء الوضوء، فيقال عند غسل الوجه: اللهم بيض وجهي يوم تسود الوجوه. ويقال عند غسل اليدين: اللهم أعطني كتابي بيميني ولا تعطني كتابي بشمالي. ويقال عند مسح الرأس: اللهم حرم شعري وبشري على النار. ويقال عند غسل الرجلين: اللهم ثبت قدمي على الصراط. ونحو هذا من الألفاظ المختلفة التي عبر بها بعضهم، وعمدتهم ما رواه ابن حبان في تاريخه بأسانيد ضعيفة، وقالوا: يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال، وهذا منها، لا سيما وقد ورد عن بعض السلف الصالح فعل هذا كما قاله الرافعي وغيره.
وذهبت طائفة أخرى إلى عدم استحبابه لعدم صحة الدليل الوارد به، ومجرد كونه من فضائل الأعمال لا يسوغ العمل، إذ يشترط زيادة على ذلك ألا يكون الضعف شديداً فهو هنا شديد، ففي سنده كذابون ومتهمون، كما قال &شيخ الإسلام&، والذين صح النقل عنهم لصفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكروه، ولو فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم لتكرر منه، ولنقل إلينا ولو من قبل واحد منهم، ورجح هذا المذهب شيخ الإسلام ابن تيمية والنووي وابن القيم وغيرهم، فلا ينبغي العدول عن الأخذ به، خصوصاً أن مبنى العبادة على التوقيف، فلا مجال فيها لعمل ما لم يثبت بدليل.
وأما الذكر بعد الانتهاء من الوضوء فمستحب باتفاق الفقهاء، وإذا أراد الشخص أن يتوضأ داخل الحمام فلا بأس أن يسمي خارجه، ثم يدخل مباشرة ويتوضأ، وذهب بعض أهل العلم كالنخعي والشعبي وعبد الله بن عمرو بن العاص وابن سيرين ومالك إلى جواز ذكره تعالى في الكنيف -الحمام- وعلى كل حال، وذهب آخرون إلى كراهة ذلك، وهو الأولى، ويجزئه أن يسمي في نفسه، وأما الأذكار حال الوضوء فقد علمت -مما سبق- أن الراجح هو عدم مشروعيتها، وأما الذكر بعد الانتهاء من الوضوء فإنه ينبغي لك أن تخرج من الحمام وتقوله خارج الحمام.
والله أعلم.