الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالصلاة في مكان مظلم مباحة في الأصل، وليست مكروهة ولا مستحبة، وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم في مكان مظلم كما يدل عليه حديث عائشة رضي الله عنها قالت: فَقَدْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَجَعَلْتُ أَطْلُبُهُ بِيَدِي فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى قَدَمَيْهِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ وَهُوَ سَاجِدٌ يَقُولُ: أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ. اهـ رواه مالك ومسلم والترمذي والنسائي واللفظ له.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: ما صحة ما يروى أن الصلاة في الظلام مكروهة؟ فأجاب رحمه الله بقوله : أنا لا أعرف هذا الحديث، وعلى من أتى به أن يتحقق منه، والصلاة في الظلام في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانت هي الأصل؛ لأن مساجد النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت ليس فيها مصابيح، كما قالت عائشة - رضي الله عنها - "والبيوت يومئذ ليست فيها مصابيح.. اهـ من مجموع فتاواه.
لكن قد يقال بكراهة الصلاة في مكان مظلم إذا كان المصلي يخاف من الظلام ويتشوش ذهنه، كما قد يقال باستحبابها إذا كانت الصلاة في الظلام أدعى للخشوع والبعد عن النظر إلى ما يلهي. وقد قال الشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله عن الصلاة في مكان مظلم: الصلاة إذا تمت بشروطها وأركانها وواجباتها صحيحة ، والنور ليس بشرط ولا ركن ولا واجب ، اللهم إلا إن كان الظلام مصدر خوفٍ يشوش على المصلي ويُذهب خشوعه فإنه تكره الصلاة فيه حينئذٍ . اهـ
والله أعلم.