الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كانت المسافة بين البلد الذي تقيمون فيه والبلد الذي تسافرون إليه للعمل تبلغ أربعة برد فأكثر، وهو ما يساوي ثلاثة وثمانين كيلومترا تقريبا فإنه يجوز لكم الترخص بجميع رخص السفر من القصر والجمع والفطر في الصوم الواجب، والمسح على الخفين ثلاثا وغير ذلك، سواء كنتم تقطعون هذه المسافة في زمن قليل، أو كثير وسواء كنتم تسافرون بالطائرة، أو بغيرها فالمعتبر هو أن تكون المسافة بين البلدين مبيحة للقصر، قال في مغني المحتاج: وهو ـ أي السفر الطويل ـ مرحلتان، وهما سير يومين بلا ليلة معتدلين، أو ليلتين بلا يوم معتدلتين، أو يوم وليلة كذلك بسير الأثقال أي الحيوانات المثقلة بالأحمال ودبيب الأقدام على العادة المعتادة من النزول والاستراحة والأكل والصلاة ونحوها، لأن ذلك مقدار أربعة برد، والبحر في اعتبار المسافة المذكورة كالبر فيقصر فيه فلو قطع الأميال فيه في ساعة مثلا لشدة جري السفينة بالهواء، أو نحوه قصر فيها، لأنها مسافة صالحة للقصر فلا يؤثر قطعها في زمن يسير ـ والله أعلم ـ كما يقصر لو قطع المسافة في البر، كما لو قطعها على فرس جواد في بعض يوم. انتهى.
ولكن إذا كنتم تقيمون في البلد الذي تعملون فيه أربعة أيام فصاعدا لم يجز لكم الترخص برخص السفر إلا بعد مفارقة بنيانه، لأن المسافر لا يقال له مسافر وضارب في الأرض إلا بعد مفارقة البنيان، أما إذا كنتم تنوون الإقامة في هذه البلدة التي تعملون بها أقل من أربعة أيام فلكم أن تترخصوا برخص السفر ولو قبل الخروج منها.
والله أعلم.