الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعبارة (أنت طالق) صيغة صريحة في الطلاق دالة على الإنشاء يقع بها الطلاق، ولا تحتاج لنية، ولا يقبل ممن تلفظ بها أنه أراد غير الطلاق، أو لم يرد إنشاء الطلاق بها، جاء في مواهب الجليل للمواق المالكي: وكذلك لا يصدق في إرادة الكذب فيما إذا قال لزوجته: أنت حرام، وقال أردت الكذب، قال ابن عبد السلام: لأن لفظه ظاهر في الإنشاء بين الظهور، ولا يحتمل الخبر إلا على بعد، وإن كانت صيغة الخبر والإنشاء في هذا سواء، لأن المتبادر في الزوجة إنما هو الإنشاء لما كان الصدق والكذب من عوارض الخبر وجب أن لا يقبل منه أنه أراد الكذب ويحمل على الإنشاء... إلى أن قال: ومن قال لعبده: أنت حر، أو امرأته: أنت طالق، وقال نويت بذلك الكذب لزمه العتق والطلاق ولا ينوي، قال ابن القاسم: وقد سئل مالك عما يشبه هذا فلم يجعل له نية. انتهى.
وفي كشاف القناع ممزوجاً بمتن الإقناع للبهوتي الحنبلي: (وهو) أي قوله أنت طالق ونحوه (إنشاء) كسائر صيغ الفسوخ والعقود (وقال الشيخ: هذه صيغ إنشاء من حيث إنها تثبت الحكم وبها تم وهي أخبار لدلالتها على المعنى الذي في النفس) وهذا المعنى الذي أشار إليه يطرد في كل إنشاء وطلب. انتهى.. وبناء على ما سبق فمن قال لزوجته: أنت طالق فطلاقه نافذ ولو ادعى أنه كاذب في طلاقها.
والله أعلم.