الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
يرجى لمن تردى من شاهق أن يكون معدودا ضمن شهداء الآخرة الذين يعظم أجرهم بسبب شدة ميتاتهم وينالون من جنس أجر الشهداء, وقد ورد في طرق أحاديث عد الشهداء من أمته صلى الله عليه وسلم أن من يخر عن دابته شهيد، وأن من يتردى من رؤوس الجبال شهيد، وهذا في معنى ما ذكر, قال الحافظ ـ رحمه الله ـ في عد الخصال الموجبة للشهادة: وقد اجتمع لنا من الطرق الجيدة أكثر من عشرين خصلة، فإن مجموع ما قدمته مما اشتملت عليه الأحاديث التي ذكرتها أربع عشرة خصلة, وتقدم في باب من ينكب في سبيل الله حديث أبي مالك الأشعري مرفوعا من وقصه فرسه، أو بعيره، أو لدغته هامة، أو مات على فراشه على أي حتف شاء الله تعالى فهو شهيد، وصحح الدار قطني من حديث ابن عمر: موت الغريب شهادة ـ ولابن حبان من حديث أبي هريرة: من مات مرابطا مات شهيدا ـ الحديث، وللطبراني من حديث ابن عباس مرفوعا: المرء يموت على فراشه في سبيل الله شهيد ـ وقال ذلك أيضا في المبطون واللديغ والغريق والشريق والذي يفترسه السبع والخار عن دابته وصاحب الهدم وذات الجنب, ولأبي داود من حديث أم حرام: المائد في البحر الذي يصيبه القيء له أجر شهيد ـ وقد تقدمت أحاديث فيمن طلب الشهادة بنية صادقة أنه يكتب شهيدا في باب تمني الشهادة ويأتي في كتاب الطب حديث فيمن صبر في الطاعون أنه شهيد, وتقدم حديث عقبة بن عامر فيمن صرعته دابته وأنه عند الطبراني، وعنده من حديث ابن مسعود بإسناد صحيح: أن يتردى من رؤوس الجبال وتأكله السباع ويغرق في البحار لشهيد عند الله ـ ووردت أحاديث أخرى في أمور أخرى لم أعرج عليها لضعفها, قال ابن التين: هذه كلها ميتات فيها شدة تفضل الله على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بأن جعلها تمحيصا لذنوبهم وزيادة في أجورهم يبلغهم بها مراتب الشهداء. انتهى.
فيرجى لهذا الميت أن يحصل له بسبب شدة ميتته هذا الثواب العظيم ـ إن شاء الله ـ ولا بأس أن يدعى له بحصول هذا الأجر ولا حرج على من أخبر بما ذكر ما دام قال أحسبه بإذن الله شهيدا.
والله أعلم.