الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الله تعالى حرم الظلم وتوعد الظالمين بالعقاب الأليم فقال تعالى : وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا {الفرقان:19}. وقال تعالى : وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {الشورى:21}. وقال تعالى : وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ {إيراهيم:42}. وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله عز وجل يملي للظالم، فإذا أخذه لم يفلته. ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى : وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ {هود:102}.
وأخرج مسلم وغيره أنه صلى الله عليه وسلم قال : اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح، فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم .
وأخرج الشيخان وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ لما بعثه إلى اليمن : اتق دعوة المظلوم، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب .
وفي الحديث : اتقوا دعوة المظلوم، فإنها تحمل على الغمام، يقول الله: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين . رواه الطبراني وحسنه الألباني .
وفي الحديث : اتقوا الظلم ما استطعتم، فإن العبد يجيء بالحسنات يوم القيامة يرى أنها ستنجيه، فما زال عبد يقول يا رب ظلمني عبدك مظلمة، فيقول امحوا من حسناته، وما يزال كذلك حتى ما يبقى له حسنة من الذنوب، وإن مثل ذلك كسفر نزلوا بفلاة من الأرض ليس معهم حطب فتفرق القوم ليحتطبوا فلم يلبثوا أن حطبوا فأعظموا النار وطبخوا ما أرادوا وكذلك الذنوب . رواه أبو يعلى وصححه الألباني .
وحرم كذلك شهادة الزور فقال تعالى : فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ {الحج : 30}. وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ قلنا : بلى يا رسول الله , قال : الإشراك بالله , وعقوق الوالدين , وكان متكئا فجلس فقال : ألا وقول الزور وشهادة الزور , ألا وقول الزور وشهادة الزور , فما زال يقولها حتى قلنا : ليته سكت . رواه البخاري ومسلم .
والواجب على المسلم التوبة إلى الله تعالى والسعي في إزالة الظلم عن المظلومين والتحلل منهم بتعويضهم عما لحقهم من الضرر أو مسامحتهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم : من كان عنده لأخيه مظلمة من عرض أو شيء فليتحلله اليوم ألا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ من حسناته بقدر مظلمته، فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه . أخرجه البخاري في صحيحه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أتدرون من المفلس ؟ قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع , فقال : إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة , ويأتي قد شتم هذا , وقذف هذا , وأكل مال هذا , وسفك دم هذا , وضرب هذا , فيعطى هذا من حسناته , وهذا من حسناته , فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار . رواه مسلم .
والله أعلم.