الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما يسمى عند العامة: بالتعليق على الأشخاص ـ هو في كثير من الأحيان حقيقته سخرية واستهزاء بالآخرين وهو دليل على الجهل، فقد قيل لموسى عليه السلام: أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ { سورة البقرة 67 }.
وتلك السخرية والاستهزاء قد تدخل في الغيبة إذا كان من استُهزِئ به غير موجود, ولا تصل إلى الكفر إلا إذا كان استهزاء بشيء من شعائر الدين, والسامع لا يشارك العاصي في معصيته إلا إذا أقره، أو رضي به، كما بيناه في الفتوى رقم: 35563.
ولا شك أن الضحك فيه نوع رضى بالمعصية، فالواجب عليك أيتها السائلة أن تنهي صديقتك عن ذلك قياما بواجب النهي عن المنكر, فإن استمرت على استهزائها بالآخرين والسخرية منهم وجب عليك مفارقة مجلسها، قال القرطبي ـ رحمه الله تعالى ـ في تفسير قوله تعالى: فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حتى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ـ فدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر، لأن من لم يجتنبهم فقد رضِي فعلهم، والرّضا بالكفر كفر، قال الله عزّ وجلّ: إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ ـ فكل من جلس في مجلس معصية ولم ينكِر عليهم يكون معهم في الوِزر سواء، وينبغي أن ينكِر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعمِلوا بها. فإن لم يقدر على النكِير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية. اهـ.
وانظري الفتوى رقم: 137818، عن ماهية الاستهزاء الذي يعد كفرا.
والله أعلم.