الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقول السائل: (علمنا أن أمواله هي بالنصب والاحتيال) يشكل عليه قوله بعد ذلك: (ولا نعلم علم اليقين) فإن كان مقصوده أنهم كانوا يشكون ثم تيقنوا بأن ماله حرام، فإن لم يكن له مال غيره، وكل ماله من الحرام، فمثل هذا لا يجوز قبول هبته وهديته ولا أكل طعامه.
وإن كان ماله مختلطا فمنه الحلال ومنه الحرام، فلا يحرم ذلك ولكنه يكره، على الراجح من أقوال أهل العلم. كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 6880. والكراهة تزول لأدنى حاجة فلا تثريب عليكم في قبول هداياه تجنبا لقطيعة الرحم.
وأما إن كان مراد السائل أن حكمهم على نسيبهم هذا مبني على الشك، ولا يستطيعون القطع بحرمة ماله، فالأصل السلامة وبراءة الذمة قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ما في الوجود من الأموال المغصوبة والمقبوضة بعقود لا تباح بالقبض، إن عرفه المسلم اجتنبه، فمن علمت أنه سرق مالا أو خانه في أمانته، أو غصبه، فأخذه من المغصوب قهرا بغير حق لم يجز لي أن آخذه منه، لا بطريق الهبة، ولا بطريق المعاوضة، ولا وفاء عن أجرة، ولا ثمن مبيع، ولا وفاء عن قرض، فإن هذا عين مال ذلك المظلوم ... وإن كان مجهول الحال، فالمجهول كالمعدوم، والأصل فيما بيد المسلم أن يكون ملكا له إن ادعى أنه ملكه .. فإذا لم أعلم حال ذلك المال الذي بيده بنيت الأمر على الأصل، ثم إن كان ذلك الدرهم في نفس الأمر قد غصبه هو ولم أعلم أنا كنت جاهلا بذلك، والمجهول كالمعدوم .. لكن إن كان ذلك الرجل معروفا بأن في ماله حراما ترك معاملته ورعا. وإن كان أكثر ماله حراما ففيه نزاع بين العلماء. وأما المسلم المستور فلا شبهة في معاملته أصلا اهـ.
وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 41014.
وحيث إن الأصل في المسلم السلامة كما تقدم ، فلا يجوز اتهامه دون بينة مقبولة، ويحرم إساءة الظن به دون أمارة صحيحة وسبب ظاهر، إذا كان ممن شوهد منه الستر والصلاح، بخلاف من اشتهر بتعاطي الريب والمجاهرة بالخبائث، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 153737.
والله أعلم.