الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحب في الله له علامات ظاهرة أهمها: أنه يكون بسبب اجتماع أصحابه على طاعة الله بحيث لو بدا من أحدهم معصية أو مخالفة شرعية فإن صاحبه يستوحش منه وينفر من صحبته، وغالبا ما تحدث الفرقة بينهما بسبب ذلك إن لم يتدارك العاصي نفسه بالتوبة والإنابة، فقد روى أحمد وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله، التقوى ها هنا وأوما بيده إلى صدره، وما توادَّ رجلان في الله فيفرق بينهما إلا بحدث يحدثه أحدهما.
أما العاشق فإنه يلازم صاحبه على كل حال لا يبالي باستقامته أو بزيغه، وقد ذكر أهل العلم بالتربية والسلوك أن العشق له أمارات ظاهرة لا تخفى منها:
1- أن يرى العاشق محاسن صاحبه ولا يرى سيئاته وعيوبه، بل إذا رأى خطأ محققاً ظاهراً فإنه يسارع إلى حمله على أحسن الأمور.
يقول ابن القيم رحمه الله: فإن الراغب في شيء لا يرى عيوبه حتى إذا زالت رغبته فيه أبصر عيوبه، فشدة الرغبة غشاوة على العين تمنع من رؤية الشيء على ما هو عليه. انتهى.
2- ألا يصبر على فراقه بل يود أن يلازمه دائماً وأن يكون معه في جميع أموره وأحواله.
3- أن يقدم المحب رضا محبوبه على رضا غيره من الناس بل ويؤثره على نفسه ويسارع في إرضائه بكل سبيل مهما كلفه ذلك، حتى إنه إذا تمكن هذا الداء -والعياذ بالله- ووصل إلى حد العشق المذموم فإن صاحبه قد يقدم رضا معشوقه على رضا الله سبحانه وفي ذلك يقول ابن القيم رحمه الله: وعلامة هذا العشق الشركي الكفري أن يقدم العاشق رضاء معشوقه على رضاء ربه، وإذا تعارض عنده حق معشوقه وحقه وحق ربه وطاعته قدم حق معشوقه على حق ربه وآثر رضاه على رضاه وبذل لمعشوقه أنفس ما يقدر عليه وبذل ربه إن بذل أردى ما عنده، واستفرغ وسعه في مرضات معشوقه وطاعته والتقرب إليه وجعل لربه إن أطاعه الفضلة التي تفضل عن معشوقه من ساعاته. انتهى.
4- الغيرة على المعشوق فإن من أحب شخصاً وزاد به الحب حتى وصل إلى الحد المذموم فإنه يغار عليه ويشتد عليه أن يراه مع غيره...
فهذه بعض الأمارات التي ترجح كون هذا الحب غير خالص لله سبحانه، فعلى الشخص أن يراقب نفسه في هذا، ويلتزم الوسط في أموره كلها فقد قال صلى الله عليه وسلم: أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني.
والله أعلم.