الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فينبغي أولًا ضبط المصطلحات التي نستعملها؛ حتى نستطيع إنزال الأحكام على ما تتضمنه هذه المصطلحات من معانٍ، فالزنى حرام، والنظر إلى ما حرم الله حرام، وخلوة الرجل بأجنبية عنه حرام، وكذا خلوة المرأة بأجنبي عنها حرام، إلى غير ذلك من المصطلحات الشرعية.
وأما استبدال هذه المصطلحات بمصطلحات أخرى، فقد ينطوي على محذور، ربما تُفطن له، وربما لم يتفطن له.
فمصطلح الخيانة الزوجية: إن قصد به الزنى، فإنه يؤذن بأن الزنى لا يعد جريمة، إلاَّ إذا كان خيانة زوجية، فيا ترى ما هو الحكم لو لم يكن متزوجًا؟! وما هو الحكم لو كان برضى زوجته، فهل لا يعدّ في هذه الحالات خيانة زوجية؟!
وعلى كل؛ فإننا أردنا التنبيه إلى ضرورة المحافظة على المصطلحات الشرعية، والحذر من استبدالها بمصطلحات أخرى، تحتمل حقًّا وباطلًا.
ولنرجع إلى الإجابة عن السؤال، فنقول:
إن قصد بالخيانة الزوجية: الزنى، أو ربط علاقات من الزوج مع امرأة أخرى، أو العكس، فإن ذلك حرام شرعًا، وحرمة الزنى مما هو معلوم من الدِّين بالضرورة، فقد قال الله تعالى: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا {الإسراء:32}، والآيات، والأحاديث في تحريم الزنى كثيرة.
وأما النظر، والخلوة، فقد وردت النصوص من القرآن، والسنة بتحريمهما: من ذلك قوله سبحانه: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ {النور:30}، ووجّه نفس الخطاب إلى النساء: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ {النور:31}، وقال صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة، إلاّ ومعها ذو محرم. رواه مسلم.
وأما إن قصد بالخيانة الزوجية: أن يتزوج الرجل امرأة أخرى زواجًا شرعيًّا، دون علم زوجته الأولى، فهذا لا يصح تسميته خيانة، والزوج لم يفعل حرامًا، لكن يطالب بما أمره الله عز وجل به من العدل بين الزوجات في القسم، والنفقة، كما قال سبحانه: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً {النساء:3}.
والله أعلم.