الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فكناية الطلاق هي كل لفظ يحتمل الفرقة وغيرها، ولا يقع الطلاق بالكناية إلا مع النية، ويشترط في النية أن تكون جازمة خالية من التردد، جاء في المغني لابن قدامة : لأن النية عزم جازم، ومع التردد لا يحصل الجزم . انتهى.
فمن تلفظ بكناية الطلاق مع النية الجازمة التي لا يصحبها تردد فطلاقه نافذ، جاء في الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية : والسلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وجماهير الخلف من أتباع الأئمة الأربعة وغيرهم متفقون على أن اللفظ الذي يحتمل الطلاق وغيره إذا قصد به الطلاق فهو طلاق، وإن قصد به غير الطلاق لم يكن طلاقاً، وليس للطلاق عندهم لفظ معين، فلهذا يقولون: إنه يقع بالصريح والكناية . انتهى.
وعليه؛ فالنية المعتبرة في كناية الطلاق لا بد أن تكون جازمة، فإن كانت مصحوبة بتردد فلا اعتبار لها يستوي في ذلك الموسوس وغيره، وكنا قد بينا من قبل أن الموسوس لا يقع طلاقه ولو صريحاً إذا نطق به تحت تأثير الوسوسة ولم يقصده قصداً حقيقياً في حال طمأنينة واستقرار بال، وذلك لأنه مغلوب على أمره في غالب أحواله، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 142465.
وإذا لم يقع طلاق الموسوس الصريح فحري أن لا تقع كناية طلاقه طالما أنه لم يكن جازماً في نيته قاصداً الطلاق قصداً حقيقياً.
والله أعلم.