الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنجمل الجواب عما سألت عنه في النقاط التالية:
أولا : أن المقلد لايجب عليه اتباع مفت بعينه، لكن عليه أن يتبع من يرى أنه هو الأعلم والأورع والأتقى لله، ولا يتخير بمحض الهوى والتشهي.
ثانيا : أن النبي صلى الله عليه وسلم قد وضع منهجا واضحا عند اختلاف الفتوى واشتباه الحق، فقال لوابصة: يا وابصة استفت قلبك، البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في القلب وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك. رواه أحمد، وقال أيضا: إن الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس ، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه. [متفق عليه] .
ثالثا: أن التعامل بنظام الهامش أو ما يسمى بالمارجن بوصفه المعروف اليوم تعامل بالربا لكونه يتضمن قرضا من الوسيط للعميل، وهذا القرض ليس مجانيا بل مقابل فائدة أو مقابل عمولات البيع والشراء التي تتم عن طريقه، فهو قرض جر نفعا. كما أن المتاجرة بالهامش تتضمن قدرا كبيرا من المخاطر في أسواق الأسهم.
وإذا اقتصر دور الوسيط على الوساطة بين البائع والمشتري وأخذ عمولة على ذلك فلا حرج لجواز السمسرة شريطة أن تكون فيما هو مباح فلا تجوز في شراء الأسهم المحرمة أو المعاملات الربوية ونحوها. بل لابد من التقيد بالضوابط الشرعية في ذلك، ومنها إذا كانت التجارة عملات أن يحصل التقابض في المجلس بما يتراضى عليه الطرفان ، أو ما يقوم مقام المجلس مثل انتقال العملة من حساب البائع إلى حساب المشتري، وانتقال العملة الأخرى من حساب المشتري إلى حساب البائع. والوكيل في ذلك كالأصيل.
ثم إن عملة كل بلد في نفسها تعتبر صنفا واحدا لا تجوز المفاضلة فيها، فلا تؤخذ مائة منها ولو كانت من فئة مرغوب فيها بمائة وعشر مثلا؛ لأن العملات من الأصناف الربوية فهي قائمة مقام النقدين: الذهب والفضة؛ لأنها أصبحت ثمنا لكل مثمن وقيمة لكل مقوم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا غائبا منها بناجز. متفق عليه.
وهذه الضوابط لا تتقيد بها البورصات العالمية في الغالب. وإذا تحققت هذه الضوابط الشرعية فلا حرج عليك في ممارسة تلك التجارة أو العمل وسيطا فيها .
والله أعلم.