الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الحكمة والإيمان مكانهما فمن ابتغاهما وجدهما، ومن أخلص لله تعالى واستعان به وفقه لإدراك المأمول، ومنّ عليه فأدرك ما يصبو إليه، وليس العمى أو غيره من الإعاقات مانعا من الترقي في مدارج طلب العلم والعب من معينه الثري، ولقد نبغ من العميان على مر الأعصار جماعة كثيرة في أبواب العلم المختلفة، فانتفعوا بما حصلوه ونفع الله بهم خلقا كثيرا.
والعلامة ابن باز رحمه الله أحد أعيان من يضرب بهم المثل في هذا الميدان، وترجمته رحمه الله حافلة تطلب في مظنتها، وقد صنفت في سيرته وأخباره رحمه الله مصنفات، وقد كثرت بحمد الله أسباب تحصيل العلم في هذا الزمن، بحيث لا يعسر على أحد أخلص لله وكانت عنده الرغبة الصادقة في طلب العلم أن ينال غرضه منه .
ونصيحتنا لهذا الضرير الذي يريد طلب العلم هي أن يخلص لله تعالى، ويجتهد في دعائه أن يرزقه العلم النافع، فإن الإخلاص واللجأ إلى الله تعالى هو مفتاح هذا الباب، ثم لتكن لديه همة عالية في التحصيل، فإن كان يحسن الكتابة بطريقة برايل فليجعلها سبيله للتدوين والمراجعة والاستظهار، وإلا فليكن السماع سبيله إلى ذلك، فليتسمع ما يريد حفظه عبر الشريط أو الحاسوب أو غير ذلك من وسائل الاستماع وهي بحمد الله كثيرة موفورة، وليردد الجزء الذي يريد حفظه مرات حتى يثبت في قلبه، ثم ليعرضه على حافظ لهذا المتن أو ليقرأه على من يصوب له، ولو من كتاب حتى يتثبت من إتقانه له، ثم إن كان بناحيته من المشايخ والعلماء من يمكنه الحضور عندهم والاستفادة من شروحهم فليفعل، وليلزم مجالسهم، وليطلب إليهم متابعته في هذا السبيل، وليصاحب من البصراء من يكون ردءا له في طريقه ذاك، فإن تعذر عليه ذلك فليستعن بسماع الشروح المسجلة لأكابر العلماء وثقاتهم، وبخاصة شروح ودروس وفتاوى العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، فإنها محررة تحريرا حسنا فضلا عن سهولة أسلوبها وقرب مأخذها، وليعتن هذا الطالب بحفظ وقته وألا يصرف شيئا من الزمن في غير طائل، وليتجنب ما يقع بين المعاصرين من كلام بعضهم في بعض، فإنه مشغلة عن العلم النافع. نسأل الله أن يرزقنا علما نافعا وعملا متقبلا .
والله أعلم.