الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننبه أولا على أنه لا يجوز للزوجة الامتناع عن فراش زوجها بدون عذر شرعي، لثبوت حرمة ذلك والوعيد الشديد في شأنه ففي الصحيحين واللفظ للبخاري من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح.
وبخصوص اليمين الذي تلفظت به: فهو يمين إيلاء عند المالكية، جاء في حاشية الدسوقي المالكي: حاصله أنه إذ ا قال لها: والله لا أطؤك حتى تسأليني الوطء، أو حتى تأتيني للوطء فإنه يكون موليا ويضرب له أجل الإيلاء من يوم الحلف، فإن فاء في الأجل، أو بعده بأن كفر عن يمينه ووطئها بدون سؤال منها فالأمر ظاهر, وإلا طلق عليه. انتهى.
وقد عد المالكية هذا إيلاء، لأن سؤال الوطء فيه معرة عند النساء ولم نجد عن غير المالكية من يعتبر هذا إيلاء وعلى أن هذا ليس إيلاء فالأمر واضح، وعلى ما ذهب إليه المالكية من أنه إيلاء فإن جامعتها قبل أن تطلبك حنثت فيما حلفت به وانحلت يمين الإيلاء، وإن مضت أربعة أشهر فإما أن تجامعها، أو يكون لها الخيار بين البقاء معك على تلك الحال وبين رفعك إلى القاضي ليحكم لها بالطلاق، وراجع الفتوى رقم: 30726.
والأصل في الإيلاء أنه غير مباح كما ذهب إليه كثير من أهل العلم، وانظر الفتوى رقم: 138038.
لكن الموجب الحامل لك على اليمين قد يجعل إيلاءك غير محرم، إذ الإيلاء مشروع لتأديب الزوجة على سوء معاملتها لزوجها، أو امتناعها عن فراشه، أو نحو ذلك مما تترتب عليه مصلحة ظاهرة، جاء في الموسوعة الفقهية: والحكمة في موقف الشريعة الإسلامية من الإيلاء هذا الموقف: أن هجر الزوجة قد يكون من وسائل تأديبها, كما إذا أهملت في شأن بيتها، أو معاملة زوجها, أو غير ذلك من الأمور التي تستدعي هجرها, علها تثوب إلى رشدها ويستقيم حالها, فيحتاج الرجل في مثل هذه الحالات إلى الإيلاء, يقوي به عزمه على ترك قربان زوجته تأديبا لها ورغبة في إصلاحها, أو لغير ذلك من الأغراض المشروعة، فلهذا لم تبطل الشريعة الإسلامية الإيلاء جملة, بل أبقته مشروعا في أصله، ليمكن الالتجاء إليه عند الحاجة. انتهى.
وفي خصوص تجرد الزوجين من ثيابهما عند الجماع فهو مكروه عند الحنابلة، والجمهور على جوازه، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 144731.
والله أعلم.