الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق أن نبهنا في الفتوى المشار إليها في السؤال على أن البنوك الإسلامية عليها أن تبحث عن وسائل مشروعة تحفظ بها حقوقها وأموال المساهمين فيها من المماطلة بغير حق، ويمكن أن يعتمد ذلك على أبواب الكفالة والضمان والرهن ونحو ذلك، وأما مسألة التعزير بالمال عند المالكية فلا يشرع ذلك عند المماطلة في سداد الدين، لأنه تعزير بالمال لا في المال، والجائز عندهم التعزير في المال كالمغشوش ونحوه، جاء عن مالك ـ رحمه الله ـ أنه قال في الزعفران المغشوش: إذا وجد بيد الذي غشه إنه يتصدق به على المساكين قل، أو كثر، وذهب ابن القاسم ومطرف وابن الماجشون إلى أنه يتصدق بما قل منه دون ما كثر، وذلك محكى عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ وأنه أراق اللبن المغشوش بالماء، ووجه ذلك التأديب للغاش، وهذا التأديب لا نص يشهد له، لكن من باب الحكم على الخاصة لأجل العامة. وقد بين ذلك الشاطبي في الاعتصام.
وقال الصاوي في حاشيته على الشرح الصغير: وأما التعزير بأخذ المال فلا يجوز إجماعا. اهـ.
وقال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير: قال الونشريسي: أما العقوبة بالمال فقد نص العلماء على أنها لا تجوز، وفتوى البرزلي بتحليل المغرم لم يزل الشيوخ يعدونها من الخطأ. اهـ.
وراجع لمزيد الفائدة عن ذلك الفتويين رقم: 34484، ورقم: 97393.
وأما كون المستفيد من هذه الغرامة طرف آخر غير المقرض ـ البنك ـ فلا يتغير معه حكم الحرمة، وكذا مسألة عدم تطبيق شرط غرامة التأخير عمليا، وقد سبق لنا بيان ذلك في الفتويين رقم: 130981، ورقم: 138788.
وأما حد الضرورة المبيحة للمعاملات المحظورة كالربا، فقد سبق لنا بيانه في الفتويين رقم: 1420، ورقم: 6501.
والله أعلم.