الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أن ضمان الأعيان المؤجرة على المالك ـ المؤجر ـ لا على المستأجر، لأنها في يده أمانة، والأمانة غير مضمونة على الأمين إلا إن فرط في الحفظ، أو تعدى في الاستعمال فهذا هو الأصل، وأما عن الصيانة فقد قسمها العلماء إلى ثلاثة أقسام كما جاء في كتاب صكوك الإجارة بتصرف:
الأول: الصيانة التشغيلية العادية التي تحتاج إليها هذه الأعيان المؤجرة نتيجة الاستعمال مثل صيانة وتغيير الأجزاء الصغيرة غير الجوهرية التي تستهلك، وتتلف في فترات دورية بسبب التشغيل، فهذا القسم على عاتق المستأجر، جاء في المغني: وما كان لاستيفاء المنافع كالحبل والدلو والبكرة فعلى المكتري.
الثاني: الصيانة الوقائية الدورية، وتتمثل في أعمال محدودة تتم في آجال معلومة يتم فيها تغيير بعض الأجزاء وتجديد البعض الآخر، وهذا القسم يجوز اشتراطه على المستأجر، إذ يمكن ضبطه، وتقديره، لأن علة المنع من اشتراط صيانة العين المؤجرة على المستأجر هي أيلولة هذا الشرط إلى جهالة الأجرة، وعليه فإذا انتفت الجهالة والغرر فقد انتفى التحريم، وقد نصت بعض فتاوى وقرارات الهيئات الشرعية على جواز هذه النوع من الشروط.
القسم الثالث: الصيانة الطارئة، ويشمل ما ينبغي عمله لمواجهة ما يطرأ من أعطال فيه غير متوقعة على الأعيان المؤجرة، وهذا القسم اتفق الفقهاء من المذاهب الأربعة أنه واجب على المؤجر وعلى حرمة اشتراطه على المستأجر، لأنه يؤدي إلى جهالة الأجرة، ونص على منع ذلك قرار مجمع الفقه الإسلامي وغيره من الهئيات الشرعية.
وفي ضوء هذا التفصيل تعلم ما الذي يجب على المؤجر والمستأجر في موضوع الصيانة، وضمان تلك الأجهزة.
وننبهك إلى أن عقد الإجارة وما يترتب عليه إنما هو بين جهة عملك، ومالك العقار، فما كان من التزامات تجاه المستأجر فهي على جهة عملك، لأنها هي المستأجر، ما لم تكن أنت وكيلها في تنفيذ هذه الالتزامات، أو كنت ملزما بها بموجب عقد بينك وبين جهة عملك، وإلا فلا شيء عليك، لأنك لست المستأجر والمتعاقد مع المؤجر، وإذا قمت بشيء من تلك الصيانة متبرعا فليس لك الرجوع على جهة عملك، أو المؤجر، وأما إذا قمت بشيء منها ناويا الرجوع على أحدهما فترجع بما لم يلزمك بحكم العقد.
والله أعلم.