الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالتناقض قد يكون حاصلاً بين كلام الإمام النووي المنقول في الفتوى المشار إليها أولاً وبين القول الآخر الذي يوجب على الزوج قضاء حاجة زوجته، وهذا قطعاً قول معتبر لبعض الأئمة المشهورين بالعلم والنقل ولا يستطيع أحد إنكاره، أما عدم لزوم إجابة الزوج لزوجته كلما دعته للجماع ووجوب مجامعتها بقدر حاجتها وقدرته فلا تناقض بينهما، فكما يجب على الزوج أن يطعم زوجته على قدر حاجتها وقدرته فإنه لا يجب عليه أن يطعمها كلما طلبت ذلك.
وعلى ذلك فحيث كانت الزوجة محتاجة للجماع وكان الزوج قادراً لزمه تلبية حاجتها سواء طلبت ذلك أم لم تطلب، فالأمر منوط بحاجة الزوجة وليس بطلبها، وتقدير حاجة الزوجة أمر غير محدود وإنما يقدره الزوجان حسب الظروف، فهو يختلف بحسب السن وصحة الجسم وغير ذلك، والأصل أن تكون العلاقة بين الزوجين قائمة على التواد والتراحم ومراعاة كل منهما لظروف الآخر.
أما كون الزوج مالكاً للبضع فهذه عبارة الفقهاء وقد يسيء فهمها من لا يعرف أساليب الفقهاء فهم لا يقصدون بها معنى الشراء وإنما يقصدون حل الاستمتاع، وأما الدرجة التي للرجل فإنها تقتضي القوامة ولا تقتضي تفضيله على المرأة في كل شيء أو هضم حق المرأة، فالآية نفسها ذكرت أن الأصل التساوي في الحقوق والواجبات إلا أن الرجل له درجة القوامة على المرأة، قال الله تعالى: ... وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ {البقرة:228}.
وقال ابن عباس: الدرجة إشارة إلى حض الرجال على حسن العشرة، والتوسع للنساء في المال والخلق، أي أن الأفضل ينبغي أن يتحامل على نفسه، قال ابن عطية: وهذا قول حسن بارع. الجامع لأحكام القرآن.
وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 6925.
والله أعلم.