الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فههنا أمران، أحدهما: رغبة الداعي في استجابة دعائه، وهذا أمر لا ينفك عنه الداعي وإلا لما دعا، والثاني: الاستعجال المذموم الحامل على ترك الدعاء، لكونه لم يستجب له، فهذا هو الذي ينبغي للعبد تركه، وأما رغبته في قضاء حاجته عاجلا فلا يذم إذا لم يحمله ذلك على الاستحسار وترك الدعاء، فقوله صلى الله عليه وسلم: يستجاب لأحدكم ما لم يعجل ـ قد فسر فيه تلك العجلة بقوله بعد: يقول قد دعوت فلم يستجب لي ـ فهذه هي العجلة المانعة من الإجابة، قال المناوي رحمه الله: يستجاب لأحدكم أي لكل واحد منكم في دعائه ما لم يعجل يقول ـ هذا استئناف بيان لاستعجاله في الدعاء أي يقول بلفظه، أو في نفسه، وفي رواية مسلم: فيقول قد دعوت ـ وفي رواية له أيضا: قد دعوت ربي فلم يستجب لي ـ والمراد أنه يسأم فيترك الدعاء فيكون كالمان بدعائه، أو أنه أتى من الدعاء بما يستحق به الإجابة فيصير كالمبخل لربه، وفيه حث على ترك استعجال الإجابة. انتهى.
فعليك أن تستمري في الدعاء ولا تسأمي مسألتك لربك تعالى، ثم فوضي أمرك لربك تعالى واعلمي أنه تعالى أعلم بمصلحتك منك، واعلمي كذلك أنك لا تعدمين من دعائك خيرا، فإنه إن لم يستجب فذلك لعلم الله بعدم المصلحة في ذلك، فإما أن يصرف الله عنك من السوء مثل ما دعوت به، وإما أن يدخر لك ذلك الدعاء ليوم القيامة.
وأما اجتهادك في الأعمال الصالحة فهو أمر حسن، ونوصيك بالاستمرار على ذلك وسؤال الله القبول، ولا يحملنك الشيطان على ترك العمل بزعم أنك إنما تعملين ليجاب دعاؤك فهذا من الوسواس، ثم إن الزيادة في العمل الصالح رجاء إجابة الدعاء ليست ممنوعة، بل هذا من التوسل بالعمل الصالح الذي وردت النصوص الكثيرة دالة على مشروعيته، ولتنظر الفتوى رقم: 28845.
والله أعلم.