الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فما فعله الأب يعتبر هبة، وإذا كان قد تم حوزها وقبضها في حال حياته فهي ماضية وصحيحة، وقد بينا حكم قبض الأب لابنه الصغير وصحته في الفتوى رقم:
106100.
وقد سعى الأب في العدل في تلك الهبة ـ كما ذكرت ـ وحتى لولم يكن عدل فيها، فإنها تمضي بموته قبل التعديل في قول أكثر أهل العلم، قال الرحيباني في مطالب أولي النهى ممزوجا بغاية المنتهى: فإن مات معط قبله ـ أي: التعديل ـ وليست العطية بمرض موته المخوف ثبتت العطية لآخذ فلا يملك بقية الورثة الرجوع نص عليه في رواية محمد بن الحكم والميموني، لخبر الصديق, وتقدم، وكما لو كان الآخذ أجنبيا، لأنها عطية لذي رحم، فلزمت بالموت كما لو انفرد.
قال ابن قدامة في المغني: إذا فاضل بين ولده في العطايا، أو خص بعضهم بعطية ثم مات قبل أن يسترده ثبت ذلك للموهوب له ولزم وليس لبقية الورثة الرجوع، هذا المنصوص عن أحمد في رواية محمد بن الحكم والميموني واختاره الخلال وصاحبه أبو بكر وبه قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي وأكثر أهل العلم وهو الذي ذكره الخرقي.
وبناء عليه، فالذي نراه هو مضي تلك الهبة على حسب ما وزعها الأب إن كان الأولاد قد قبضوها، وكانت حيازتها حصلت قبل موت الأب ، ولا اعتبار لكونه جعل الهبة بصيغة عقد بيع صوري، لأن العبرة في العقود بمعانيها لا بألفاظها ومبانيها، وعند النزاع يمكن الرجوع إلى القضاء، لأن حكم القاضي يرفع الخلاف، وأما إدخال الأخ الثالث معكم في الهبة: فإن كان بعد ولادته فلا إشكال في ذلك وقبض الأب له صحيح كما بينا سابقا، وإن كان قبل ولادته ـ في بطن أمه ـ ففي صحة الهبة له خلاف، فالجمهور على منعها، وذهب بعض أهل العلم إلى صحتها كما في شرح ميارة من كتب المالكية، وفي معنى الحبس الصدقة والهبة من حيث جوازهما للحمل نص على ذلك المتيطي وغيره، وبناء على هذا القول، فالهبة تصح للحمل أيضا، ومهما يكن من أمر فالذي نراه هو مضي هبة الأب على ما هي عليه لتقادم الزمان ولما قد يؤدي إليه إذكاء النزاع من الشحناء والخلاف بين الإخوة وذوي الرحم.
والله أعلم.