الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قمت بسرقته قبل البلوغ فلا إثم عليك فيه، وفي الحديث: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل. رواه أصحاب السنن.
لكن عليك ضمانه لأصحابه، لأن سقوط الإثم لايلزم منه سقوط الضمان، وقد قال صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه.
ومن استطعت إيصال الحق إليه كصاحب الصندوق والمغازة والقميص فيلزمك رده إليه وليس لك أن تتصدق به عنه، لأن الصدقة إنما تكون بالحق إذا جهل صاحبه، أو تعذر إيصاله إليه، والمطلوب هو إيصال الحق إلى صاحبه ولو بطرق غير مباشرة فلا يلزمك أن تخبره بكونك سرقته منه فأد قيمة ما أخذته إلى أصحابه ما دمت قد أتلفت عين المأخوذ واستعملته، والقميص البالي ترد قيمته لا عينه البالية إلا أن يسامحك صاحبه فيه، والرجل الكافر يؤدى إليه حقه كغيره، لأن الكافر غير الحربي معصوم المال فلا يجوز أخذه إلا بحق، ورد الحق إلى مالكه، أو وكيله كالشريك في الصندوق المذكور، أو الموظف المختص في المغازة كاف في هذا الأمر وعليك أن تنصح والدك بحكمة وموعظة حسنة فتتلطف معه لعل الله يهديه للحق على يديك وهذا من أعظم البر به وكذلك الأم وأكثر من الدعاء لهما بالصلاح والهداية، وعلى كل فإن فسقهما لا يسقط برهما وتلزم صحبتهما بالمعروف لكن لا تطعهما في معصية الله عز وجل، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه، قال تعالى: وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا { لقمان: 15}.
وأما التوبة: فلا يحول بينك وبينها شيء وأول خطوة في طريقها هي الإحساس بالذنب والشعور بالتقصير في جنب الله والندم على ما سلف من المعاصي والذنوب، ومن تاب تاب الله عليه، قال سبحانه: إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما { الفرقان: 70}.
وقال: قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا { الزمر: 53} .
والله أعلم .