الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
فإنما قلنا بحرمة التسويق الشبكي بناء على ما تضمنه من محاذير شرعية. وإذا زالت المحاذير الشرعية وانتفت موانع الصحة فلا حرج فيه بناء على الأصل في المعاملات وهو الإباحة، والعبرة في العقود بمعانيها لا بألفاظها ومبانيها. والتسويق الشبكي أوالهرمي اليوم اصطلاح لنظام أوبرنامج لا يمكن أن ينمو غالبا إلا في وجود من يخسر لمصلحة من يربح، سواء توقف النمو أم لم يتوقف، فالخسائر للطبقات الأخيرة من الأعضاء لازمة، وبدونها لا يمكن تحقيق العمولات الخيالية للطبقات العليا، وهذا يعني أن الأكثرية تخسر لكي تربح الأقلية، وكسبها بدون حق بل من حق غيرها وجهده هو أكل للمال بالباطل الذي حرمه الله.
كما أن هذا النظام لا يقوم غالبا إلا على تغرير الآخرين، وبيع الوهم لهم لمصلحة القلة أصحاب الشركة، فمن يدخل لا غرض له في السلعة في الغالب، وإنما كلٌّ يقامر على أنه سيربح من العمولات، فالداخل يُغرَى بالثراء كي يدفع ثمن الانضمام إلى البرنامج، وفي حقيقة الأمر أن احتمال خسارته أضعاف أضعاف احتمال كسبه، وهذا هو الغرر المحرم الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الرملي في نهاية المحتاج: الغرر هو ما احتمل أمرين أغلبهما أخوفهما. فليس الأمر مجرد سمسرة كما يظنه البعض، إذ السمسرة عقد يحصل بموجبه السمسار على أجر لقاء بيع سلعة، أما التسويق الهرمي فالمسوق هو نفسه يدفع أجرا لكي يكون مسوقا، وهذا عكس السمسرة، كما أن الهدف في التسويق الهرمي ليس بيع بضاعة، بل جذب مسوِّقين جدد ليجذبوا بدورهم مسوقين آخرين وهكذا. وهذا الحكم من خلال تتبع أنواع التسويق الشبكي أو الهرمي بمسيات عدة، وكلها تتفق في تلك الغايات أوبعضها، فإن وجدت معاملة سمسرة أوغيرها وسميت باسم التسويق الشبكي خالية من المحاذير والموانع فهي مباحة، ولا عبرة بتسميتها تسويقا شبكيا؛ لأن الحكم ليس على الاسم، وإنما على ما تضمنه المسمى .
والله أعلم.