الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأنت أيها الأخ الكريم مبتلى بالوسوسة نسأل الله لك العافية، والذي ننصحك به هو أن تعرض عن هذه الوساوس ولا تلتفت إلى شيء منها، فكل ما تظنه من الكفر أو الشرك هو مجرد أوهام يلقيها الشيطان في قلبك لينغص عليك حياتك، واعلم أن ما يعرض لك من الخواطر بفعل الطاعات لا يلزمك تنفيذه ولا الوفاء به، فلا تجب عليك الصلاة ولا الصدقة ولا غيرها من الطاعات بمجرد النية فضلا عن مجرد الخواطر والهواجس، وانظر الفتوى رقم: 130505 ومجاهدة النفس في فعل هذه الطاعات أمر حسن، ولكن إذا غلبت الإنسان نفسه فترك فعل ما هو مستحب لم يكن كافرا بذلك بل ولا يكون آثما، وإنما يأثم إذا غلبته نفسه فحملته على ترك الواجب أو فعل المحرم، ولا يكون بمجرد فعل هذه المعصية كافرا، فاتق الله أيها الأخ ولا تفتح على نفسك هذه الأبواب من الشر وأعرض عن هذه الوساوس واطرحها عنك، ولا حرج عليك أن تمسك هذا المال الذي وقع في نفسك أن تتصدق به، ولا يلزمك أن تصلي عوض ذلك شيئا من الركعات، ولو صليت لم يكن ذلك شركا بل هو فعل حسن وطاعة تتقرب بها إلى الله، ولا يلزمك أن تقول سمعنا وأطعنا كلما عرض لك ما لا تريد فعله من تلك الخواطر، ولا تكون كافرا بامتناعك عن فعل ما نويت فعله، وأما الحديث المذكور فمعناه أن الله تعالى لرحمته بعباده تجاوز لهم عما يقع في أنفسهم من حديث النفس فلم يؤاخذهم به ولم يعاقبهم عليه، فإن هذه الخواطر لا سبيل إلى دفعها، وإنما يؤاخذ الإنسان بما يتكلم به أو تعمله جوارحه.
والله أعلم.