الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
فإذا كان الرجل المذكور يقيم حاليا في مسكن يكفيه هو وأهله، فالظاهر أنه مستطيع، وبالتالي فعليه أن يحج أولا، ثم يكمل بيته في بلده فيما بعد؛ لأن الحج واجب على الفور عند الجمهور كما سبق بيانه في الفتوى رقم :55618. وسييسر الله أمره، وإن كان يريد الرجوع بأهله إلى بلده للسكن هناك، وليس له مسكن آخر، والمسكن الذي حصل عليه غير صالح للاستخدام، ولم يمكنه الجمع بين أداء الحج وإصلاح ما يحتاجه المسكن مما هو ضروري له، فالظاهر أن له تأخير الحج؛ لأن من شروط الاستطاعة أن يكون ما يحج به فاضلا عما يحتاجه من مسكن ونحوه. والسكن ما دام غير صالح للاستفادة منه لا يعتبر سكنا حقيقة.
جاء في كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع في الفقه الحنبلي: (ويعتبر كونه ) أي ما تقدم من الزاد والراحلة وآلتهما أو ما يقدر به على تحصيل ذلك ( فاضلا عما يحتاج إليه من كتب ) لأنها في معنى المسكن ونحوه
( ومسكن للسكنى ) لأنه من حاجته الأصلية، لأن المفلس يقدم به على غرمائه فههنا أولى ( أو ) مسكن ( يحتاج إلى أجرته لنفقته أو نفقة عياله ) لتأكد حقهم لقوله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول رواه أبو داود. انتهى
وقال النووي في روضة الطالبين في الفقه الشافعي :فرع يشترط كون الزاد والراحلة فاضلا عن نفقة من لزمه نفقتهم وكسوتهم مدة ذهابه ورجوعه، وفي اشتراط كونهما فاضلين عن مسكن وخادم يحتاج إلى خدمته لزمانته أو منصبه وجهان أصحهما عند الأكثرين يشترط كما يشترط في الكفارة. انتهى.
وفي الهداية شرح بداية المبتدي في الفقه الحنفي: الحج واجب على الأحرار البالغين العقلاء الأصحاء إذا قدروا على الزاد والراحلة فاضلا عن المسكن وما لا بد منه وعن نفقة عياله إلى حين عوده. انتهى
والله أعلم.