الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا أن هذا الكلام نعني قول الزوج لزوجته:" سرحانة في إيه " ليس له علاقة أصلا بموضوع الطلاق، لأنه يسألها عن الشيء الذي ذهب إليه تفكيرها. فنخشى أن يكون من يتخيل أن مثل هذا يمكن أن يكون طلاقا مصابا بالوسواس. فإذا كان الأمر كذلك فطلاق الموسوس المغلوب على عقله لا يقع أصلا كما سبق وأن بينا بالفتوى رقم: 56096.
ثانيا: أن قوله : "سرحانة في إيه". لا يدخل أصلا في كلام ابن حجر الهيتمي في فتاويه، فإنه قد تكلم عمن قال لزوجته اسرحي بمعنى اذهبي، فقال إن هذا كناية لأنه يحتمل أن يريد بالذهاب أمرا آخر غير الطلاق. فأي علاقة بين كلامه هذا وبين من قال لزوجته: سرحانة في إيه.
ثالثا: أن لفظ السراح الذي تكلم عنه الشافعية، وذكروا أنه صريح في الطلاق فهو من سرح بالتشديد ومصدره تسريح بمعنى فارق، لذلك تكلموا عنهما معا هل هما من الصريح أو لا. قال ابن حجر في فتاويه:(وفرق واضح بين سرح بتخفيف الراء وهو ما مر الكلام فيه وسرح بالتشديد وهو المشتق من السراح أي مأخوذ منه، وإلا فالتحقيق أنه مشتق من التسريح إذ هو المصدر الحقيقي، وأما السراح فاسم مصدر ومعنى سرح المضعف لغة أرسل فهو بمعنى فارق فلذلك جعلوه صريحاً لوروده في القرآن العزيز مرادفاً للتطليق قال الله تعالى: {أو تسريح بإحسان} (البقرة: 229) إذا تقرر ذلك فالأمر من سرح المضاعف سرحي، وأما اسرحي فليس من هذه المادة فلا يعطى حكمها بل يكون كناية كما مر)اهـ.
والخلاصة أن ما ذكرته لاطلاق فيه ولا تلفيق فهون على نفسك وأعرض عن الوساوس.
والله أعلم.