الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
فإن التوبة مقبولة ـ إن شاء الله ـ من سائر العصاة ـ فنانين، أوغيرهم ـ ولو كبروا وعجزوا عن مزاولة معاصيهم السابقة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا. رواه مسلم.
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ. رواه الترمذي وحسنه وابن ماجه وأحمد، وحسنه الألباني.
وقال ابن القيم: إن تاب المبتلى بهذا البلاء وأناب ورزق توبة نصوحا وعملا صالحا وكان في كبره خيرا منه في صغره وبدل سيئاته بحسنات وغسل عار ذلك عنه بأنواع الطاعات والقربات وصدق الله في معاملته، فهذا مغفور له وهو من أهل الجنة، فإن الله يغفر الذنوب جميعا. انظر الجواب الصحيح.
والجمهور على صحة التوبة من الذنب إذا تحققت شروطها ولو مع الإصرار على غيره، جاء في الموسوعة الفقهية: تصح التوبة من ذنب مع الإصرار على غيره عند جمهور الفقهاء، وذهب بعض المحققين إلى التفريق بين كون الذنبين من نفس الجنس أم لا، قال ابن القيم في مدارج السالكين: والذي عندي في هذه المسألة: أن التوبة لا تصح من ذنب مع الإصرار على آخر من نوعه، وأما التوبة من ذنب مع مباشرة آخر لا تعلق له به ولا هو من نوعه، فتصح. اهـ.
لكن على كل الأقوال ينبغي أن تعلم أن التوبة مع الإصرار على بعض الذنوب، لا تكون كالتوبة من جميع الذنوب، قال ابن عثيمين في مجموع الفتاوى والرسائل: لكن لا يستحق الوصف المطلق للتوبة وما يستحقه التائبون على الإطلاق من الأوصاف الحميدة والمنازل العالية حتى يتوب إلى الله من جميع الذنوب.
وأما تزكيتك لها بأنها تابت -حسبما يظهر- فلا حرج فيه والأولى أن تقول: نحسبها كذلك ولا نزكي على الله أحداً، وإذا كان هناك خطأ فندمك وتوبتك كافيان ـ إن شاء الله ـ فشعورك بالندم الشديد دليل على صدق التوبة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: الندم توبة. رواه الإمام أحمد.
وأما عن سؤالك السابق: فلم ترسل لنا رقمه حتى نتعرف على شأنه هل أجيب أم لا وقد عثرنا لك على سؤال واحد من هذا البريد وقد أجيب عليه في الفتوى رقم: 159579.
والله أعلم.