الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
فنسأل الله أن يزيدك حرصا على الخير ورغبة فيه، ثم إن الخطب أيسر من ذلك بكثير ـ إن شاء الله ـ فإن من كان معتادا فعل طاعة معينة وحيل بينه وبينها بسبب خارج عن إرادته رجي أن يجري له ثوابها ويكون كمن فعلها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمل صحيحا مقيما. أخرجه البخاري من حديث أبي موسى ـ رضي الله عنه.
فمتى علم الله منك صدق الرغبة في عمارة المسجد في هذه الأوقات، وأنه لم يمنعك من ذلك إلا ما حصل مما لا دخل لك فيه، فيرجى لك حصول الثواب ـ بإذن الله ـ ونوصيك بلزوم الذكر في هذين الوقتين الشريفين، فإن الذاكر يثاب بكل حال، وليس من شرط ذلك أن يكون في المسجد، وهذان الوقتان المذكوران فيهما تشرع أذكار الصباح والمساء، فلا يفوتنك شرف لزوم ذكر الله تعالى في هذين الوقتين.
وأما طاعة والديك فيما نهياك عنه من الذهاب إلى المسجد المذكور فلا تلزمك إذا لم يكن لهما مقصود معتبر عند الناس كالخوف عليك من الإيذاء لأنه والحال هذه ليس لهما منفعة في ذلك. والأولى أن تصلي في المسجد الذي يكثر فيه خشوعك ويحصل فيه مقصود الصلاة من حضور القلب، فإن استويا فالصلاة في مسجد الحي أفضل، وانظر الفتوى رقم: 124518.
والأولى أن لا تذهب إلا بإذنهما تطييبا لقلبهما، فإن كان هذا المسجد أولى أن يصلى فيه فبين لهما أنك تذهب إليه لتحصيل الثواب الأكبر، وأن ما حصل مع هذا الإمام لا ينبغي أن يحول بينك وبين الخير.
والله أعلم.