الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما المعنى الأول: فقد روي في عدة أحاديث، منها ما رواه الطبراني في كتاب الدعاء من حديث جابر مرفوعا: إن العبد ليدعو الله عز وجل وهو يحبه فيقول الله عز وجل: يا جبريل اقض لعبدي هذا حاجته وأخرها، فإني أحب أن لا أزال أسمع صوته، قال: وإن العبد ليدعو الله عز وجل وهو يبغضه فيقول الله عز وجل: يا جبريل اقض لعبدي هذا حاجته وعجلها، فإني أكره أن أسمع صوته. قال الهيثمي في مجمع الزوائد: فيه إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، وهو متروك. اهـ.
ومنها ما رواه الطبراني في معجمه الكبير والبيهقي في الشعب من حديث أبي أمامة مرفوعا: إن الله عز وجل يقول للملائكة: انطلقوا إلى عبدي، فصبوا عليه البلاء صبا، فيأتونه فيصبون عليه البلاء، فيحمد الله، فيرجعون فيقولون: يا ربنا صببنا عليه البلاء صبا كما أمرتنا، فيقول: ارجعوا فإني أحب أن أسمع صوته. وأشار المنذري لضعفه في الترغيب، وضعفه العراقي، في تخريج الإحياء، وقال الهيثمي: فيه عفير بن معدان وهو ضعيف. اهـ.
والحديثان ضعفهما الألباني جدا في السلسلة الضعيفة 2296، 4994.
وروى الكلاباذي في معاني الأخبار من حديث أنس مرفوعا: إذا أحب الله تعالى عبدا صب عليه البلاء صبا وسحبه عليه سحبا، فإذا دعا، قالت الملائكة: صوت معروف، وقال جبريل صلوات الله عليه: يا رب عبدك فلان اقض له حاجته، فيقول الله تعالى: دعوا عبدي، فإني أحب أن أسمع صوته. وعزاه العراقي للديلمي في مسند الفردوس وضعفه.
وأما المعنى الثاني: ففي أثر مشهور عن الصحابي الجليل الحكم بن عمرو الغفاري ـ رضي الله عنه ـ ذكره في ترجمته ابن سعد وابن عبد البر وابن جرير والمزي وابن كثير والذهبي وغيرهم، ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه والحارث ابن أبي أسامة في مسنده والفسوي في المعرفة والتاريخ، والحاكم في المستدرك عن الحسن البصري قال: كتب زياد إلى الحكم بن عمرو الغفاري وهو على خراسان أن أمير المؤمنين كتب أن يصطفى له البيضاء والصفراء، فلا تقسم بين الناس ذهبا ولا فضة, فكتب إليه: بلغني كتابك, تذكر أن أمير المؤمنين كتب أن يصطفى له البيضاء والصفراء, وإني وجدت كتاب الله قبل كتاب أمير المؤمنين وإنه والله لو أن السماوات والأرض كانتا رتقا على عبد ثم اتقى الله جعل الله له مخرجا, والسلام عليكم، ثم قال للناس: اغدوا على مالكم فغدوا فقسمه بينهم.
وروى أبو نعيم في حلية الأولياءعن وهب بن منبه قال: وجدت في بعض الكتب: إن الله عز وجل يقول: إن عبدي إذا أطاعني فإني أستجيب له من قبل أن يدعوني، وأعطيه من قبل أن يسألني، وإن عبدي إذا أطاعني، لو أن أهل السموات والأرض أجلبوا عليه جعلت له مخرجا من ذلك. اهـ.
وذكر الطبري عن وهب بن منبه في خبر أسا بن أبيا أحد ملوك بني إسرائيل، واعتصامه بالله من عدوه وتضرعه بين يديه، وفيه عن الله تعالى: إنه لا يهون من توكل علي، ولا يضعف من تقوى بي، كنت تذكرني في الرخاء وأسلمك عند الشدائد، وكنت تدعوني آمنا وأنا أسلمك خائفا، إن الله القوي يقول: أنا أقسم أن لو كايدتك السموات والأرض بمن فيهن لجعلت لك من جميع ذلك مخرجا. اهـ.
وقال الغزالي في الإحياء: أوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام: يا داود ما من عبد يعتصم بي دون خلقي فتكيده السموات والأرض إلا جعلت له مخرجاً. اهـ.
والله أعلم.