الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذن الورثة لأخيهم بالبناء على إحدى العقارات الفلاحية ليسكنها هو وأهله على سبيل العارية، والعلماء مختلفون في العارية أهي تمليك منفعة أم إباحة منفعة؟ فعلى القول الأول يجوز للأخ أن ينتفع بنفسه، وله أن يسكن غيره تبرعا أو بأجرة، لأنه ملك المنفعة فجاز له التصرف فيها كالمستأجر، إلا أنه هنا قد شرط عليه أن يسكن بنفسه فقط، ودخل على ذلك الشرط فلزمه، وكذا على القول الثاني بأن الإعارة مجرد إباحة للانتفاع فإنه لا يجوزله ذلك ولو لم يشترط عليه عدمه، لأنه أبيح له الانتفاع فقط بنفسه، وبالتالي فليس لذلك الأخ أن يسكن غيره تبرعا، أو بأجر لكون إخوانه قد شرطوا عليه أن يسكن بنفسه فحسب، ولأن العارية إباحة انتفاع على الراجح، ثم إن كون الأخ مدينا لأولئك فلا يجوز له أن يسكنهم في داره بسبب الدين، لئلا يكون قرضا جر منفعة قال خليل: وحرم هديته ـ يعني المقترض لمقرضه ـ إن لم يتقدم مثلها، أو يحدث موجب، إلا أن يقوم دليل على أن القصد نفع المقترض فقط في الجميع.
وفي الفتاوى الكبرى لابن تيمية: فنهى النبي صلى الله عليه وسلم المقرض عن قبول هدية المقترض قبل الوفاء، لأن المقصود بالهدية أن يؤخر الاقتضاء وإن كان لم يشترط ذلك.
وفي غاية المنتهى ـ وهو حنبلي: وإن فعل ما فيه نفع قبل الوفاء ولم ينو احتسابه من دينه، أو مكافأته، لم يجز إلا إن جرت عادة بينهما به قبل قرض.
فالذي ننصح به هو بيان ذلك للأخ ونصحه وموعظته بلطف وحكمة ليعدل عن رأيه بما لا يقطع حبل الأخوة ويعكر صفوها.
والله أعلم.