الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على الزوجين أن يعاشر كل منهما صاحبه بالمعروف، ويقوم بحقه الذي أوجبه الشرع، ومن حق الزوج على زوجته أن لا تخرج من بيته لغير ضرورة إلا بإذنه، أما خروجها لقضاء حاجاتها التي لابد لها منها فلا حرج عليها في ذلك، قال الرحيباني: وَيَحْرُمُ خُرُوجُهَا أَيْ الزَّوْجَةِ: بِلَا إذْنِهِ أَيْ الزَّوْجِ، أَوْ بِلَا ضَرُورَةٍ كَإِتْيَانٍ بِنَحْوِ مَأْكَلٍ، لِعَدَمِ مَنْ يَأْتِيهَا بِهِ. اهـ وانظري الفتوى رقم: 95195.
وأما خروجها لزيارة أهلها فقد سبق أن بينا حكم منعها من ذلك في الفتوى رقم: 110919فلتراجع.
ومن حق الزوج على زوجته أن لا تأذن لأحد في دخول بيت زوجها إلا بإذنه، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَلَا تَأْذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ. متفق عليه.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق الزوج على زوجته: وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لاَ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ. رواه مسلم.
قال النووي: والمختار أن معناه أن لا يأذن لأحد تكرهونه في دخول بيوتكم والجلوس في منازلكم سواء كان المأذون له رجلا أجنبيا، أو أمراة، أو أحدا من محارم الزوجة. اهـ
وأما منعها من كلام أهلها فلا حق له إلا إذا خاف عليها الفساد به، ولا يحق للزوج منع زوجته من التصرف في مالها بالهدية لأهلها، أو غير ذلك، أما إذا كانت الزوجة تهدي لأهلها من مال زوجها فلا حق لها في ذلك إلا بإذن زوجها، والواجب على الزوج أن يكون حكيما ويحسن عشرة زوجته ولا يمنعها من زيارة أهلها، أو زيارتهم لها إلا إذا خشي مفسدة، وفي حال الفراق بطلاق، أو خلع فإن حضانة الأطفال الصغار لأمهم ما لم يكن بها مانع من موانع الحضانة المبينة في الفتوى رقم: 9779.
و لمعرفة تفصيل المذاهب في ترتيب مستحقي الحضانة راجع الفتوى رقم: 6256
وأما سكنى الزوجة فهي واجبة على زوجها ما دامت في عصمته، أو في عدة من طلاق رجعي، أما إذا بانت منه وكانت حاضنة فقد اختلف العلماء في حقها في السكنى، فمنهم من لم ير وجوبه ومنهم من أوجبه ومنهم من أوجبه إذا لم يكن للحاضنة مسكن، وانظري التفصيل في الفتوى رقم: 24435
وحيث كان المسكن حق للحاضنة فليس بالضرورة أن يكون هو بيت الأب، بل عليه توفير مسكن مناسب، وننبه إلى أن المسائل التي فيها منازعات لا تفيد فيها الفتوى، وإنما مردها إلى القضاء الشرعي فهو صاحب الاختصاص، كما ننبه إلى أن الطلاق في الأصل مبغوض فينبغي أن لا يصار إليه إلا عند تعذر جميع وسائل الإصلاح، و إذا أمكن للزوجين الاجتماع والمعاشرة بالمعروف ولو مع التغاضي عن بعض الهفوات والتنازل عن بعض الحقوق، كان ذلك أولى من الفراق، وانظري الفتوى رقم: 72094.
والله أعلم.