الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا أن الكفارة لا تجب إلا في الفطر بالجماع على الراجح من قولي العلماء، وأما الفطر بغير الجماع فلا يجب فيه إلا القضاء، وانظر الفتوى رقم: 111609.
ثم إن كنت قد تحريت وفعلت ما تقدر عليه في معرفة وقت الإمساك والإفطار فقد فعلت ما وجب عليك، فإن كنت حين أمسكت عن الطعام تشك أو يغلب على ظنك بقاء الليل ثم لم يتبين لك طلوع الفجر فلا شيء عليك، وإن كنت حين أفطرت يغلب على ظنك زوال النهار ثم لم يتبين لك بقاؤه فلا شيء عليك وعبادتك صحيحة لا يضرك شكك فيها بعد تمامها، وانظر الفتوى رقم: 120064.
وأما إن كنت أكلت ظانا بقاء الليل ثم تبين لك أن الفجر كان قد طلع أو أكلت ظانا غروب الشمس ثم تبين لك أنها لم تكن غربت ففي لزوم القضاء لك خلاف بين العلماء، والقول بعدم لزومه هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ ومذهب الجمهور لزوم القضاء وهو أحوط، وكذا إن كنت أكلت شاكا في غروب الشمس ولم تكن عندك غلبة ظن أنها قد غربت فالقضاء لازم لك، وهذه الأحكام التي أجملناها هنا قد فصلناها في فتاوى كثيرة، وراجع الفتويين رقم: 140735، ورقم: 114527.
وإذا علمت ما مر فحيث وجب عليك القضاء فإنك تتحرى عدد الأيام التي يلزمك قضاؤها فتقضيها، ولا يلزمك شيء سوى القضاء، ولا يلزمك سوى العمل بالتحري وغلبة الظن، لأن هذا هو ما تقدر عليه، والله لا يكلف نفسا إلا وسعها، وانظر الفتوى رقم: 70806.
وإنما تلزمك الفدية إن كنت أخرت القضاء الواجب عليك عمدا مع العلم بحرمة التأخير، فيلزمك إطعام مسكين عن كل يوم أخرت قضاءه، وأما إن كنت جاهلا بحرمة التأخير فلا فدية عليك، وانظر الفتوى رقم: 123312. وحيث وجبت عليك الفدية فلا يجوز إخراجها قيمة، وهذا مذهب أكثر أهل العلم وإنما يجب إخراجها طعاما للمستحقين، وانظر الفتوى رقم: 28409، لبيان مقدار الفدية الواجبة.
والله أعلم.