فالهدايا التي يهديها الخاطب لمخطوبته إذا كانت من المهر اتفاقاً أو عرفاً فهي حق للخاطب عند فسخ الخطبة، وأما إذا لم تكن الهدايا من المهر اتفاقاً أو عرفاً، ولكنها بسبب الخطبة فقد اختلف العلماء في جواز استرجاعها عند فسخ الخطبة، وقد سبق أن بينا أقوال أهل العلم في ذلك ورجحنا القول بجواز رجوع الخاطب فيما أهدى لمخطوبته، كما في الفتوى رقم: 122345.
ومن هنا تعلم أن من حق أخيك استرجاع الشبكة المذكورة، والجاري في عرف بعض البلاد كمصر هو اعتبار الشبكة جزءا من المهر، وهذا هو ما أفتى به مشيخة الأزهر، فقد قال الشيخ أحمد هريدي من علماء الأزهر السابقين: جرى العرف على أن ما يقدمه الخاطب لمخطوبته من شبكة يعتبر من المهر وذلك فى المدن وفي العائلات الكبيرة في القرى، ولذلك يجرون على زيادة قيمة الشبكة إذا قل المهر والتقليل من قيمتها إذا كبر المهر، لأنها في نظرهم جزء منه ومتمم له، والعرف السائد المقرر له اعتباره في الشرع. اهـ.
ومما يدل على أنها جزء من المهر ما يحصل من الاتفاق والمماكسة على قيمتها بين أهل المرأة والخاطب، قال الشيخ جاد الحق ـ شيخ الأزهر السابق ـ في جواب على سؤال بخصوص الشبكة: والظاهر من السؤال أن المبلغ المدفوع من الخاطب لشراء الشبكة كان بالاتفاق وعلى هذا، فإن المبلغ المسئول عنه يعتبر من المهر وللخاطب استرداده سواء كان الفسخ من قبله، أو من قبل المخطوبة.اهـ.
وإذا كان أهل المرأة اشتروا الذهب فعلا وكان لا يزال قائما فالواجب رد الذهب عينه، ولا يجب على الخطيب قبول ثمنه، لأن الفقهاء قرروا أن المدين إنما يلزمه قضاء ماثبت في ذمته وقت التحمل، بغض النظر عن قيمته وقت الأداء، سواء ارتفعت قيمته بعد وقت التحمل، أو انخفضت، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. أخرجه الترمذي.
قال الصنعاني في سبل السلام: والحديث دليل على وجوب رد ما قبضه المرء وهو ملك لغيره، ولا يبرأ إلا بمصيره إلى مالكه أو من يقوم مقامه، لقوله: حتى تؤديه ـ ولا تتحقق التأدية إلا بذلك وهو عام في الغصب والوديعة والعارية وذكره في باب العارية لشموله لها. اهـ.
ولكنه يحتمل أنهم لم يشتروا الذهب أصلا، وإنما استعاروا ذهبا للبنت يوم الحفل، وإذا كان الأمر كذلك فلا يجب عليهم إلا رد ما استلموه من الفلوس، لأن الذهب لم يشتر أصلا بمال الزوج، ولو أنه تسامح معهم التماسا للرحمة المذكورة في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم حيث يقول: رحم الله عبداً سمحاً إذا باع، سمحاً إذا اشترى، سمحاً إذا قضى، سمحاً إذا اقتضى. لكان أفضل.
والله أعلم.