الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأموال التبرعات والصدقات ونحوها يجب التصرف فيها على مقتضى المصلحة، وبما يتوافق مع شرط المعطي في كيفية صرفها، ولا يجوز أن يُولَّى ذلك إلا للأمناء الثقات، فإن كان هذا المؤذن ظاهره العدالة والديانة، ولم يبدر منه ما يحمل على سوء الظن به، فيجب إحسان الطن به إعمالا للأصل، لأن الأصل في المسلم السلامة، قال الصنعاني في سبل السلام: قسم الزمخشري الظن إلى واجب ومندوب وحرام ومباح، فالواجب حسن الظن بالله، والحرام سوء الظن به تعالى وبكل من ظاهره العدالة من المسلمين. اهـ.
وراجع في ما يجوز من الظن وما يحرم، الفتوى رقم: 60923.
وأما إن ظهرت ريبة واحتاج الأمر إلى كشف وتقص، فلا بد أن يكون ذلك بطريقة مناسبة، بحيث لا يساء لسمعة من لم تثبت عليه تهمة، فإن كان هذا المسجد تابعا لجمعية أو هيئة أو منظمة ونحو ذلك، فتكون المراجعة والتقصي عن طريق إدارتها، وإن كان المسجد أهليا لا يتبع لأي جهة رسمية يمكنها التحقيق في مصارف هذه الأموال، وكان له إمام راتب فيمكن معالجة هذا الأمر عن طريقه، وإلا فيمكن التعامل مع هذا الوضع عن طريق جماعة المصلين في المسجد، خاصة أهل الرأي والحكمة منهم، ثم إن ثبت في النهاية خيانة هذا المؤذن وتضييعه لهذه الأمانة، ولم يمكن تصحيح الأمر ومعالجته، لم يبق إلا تحذير المصلين من التبرع في صندوق هذا المسجد، وتوجيههم لاختيار مكان آخر ليضعوا فيه صدقاتهم وتبرعاتهم، وما قيل في هذا المسجد يقال مثله في سائر مساجد المنطقة التي ذكرت عنها ما ذكرت.
والله أعلم.