الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكتابة الطلاق من قبيل الكناية لا يقع بها طلاق إذا لم ينوه الزوج، جاء في المغني لابن قدامة: إذا كتب الطلاق فإن نواه طلقت زوجته ـ وبهذا قال الشعبي والنخعي والزهري والحكم وأبو حنيفة ومالك، وهو المنصوص عن الشافعي ـ وذكر بعض أصحابه أن له قولا آخر: أنه لا يقع به طلاق ـ وإن نواه ـ لأنه فعل من قادر على النطق فلم يقع به الطلاق كالإشارة، ولنا: أن الكتابة حروف يفهم منها الطلاق، فإذا أتى فيها بالطلاق وفهم منها ونواه وقع كاللفظ. انتهى.
وبناء عليه، فإن كان الزوج المذكور لم ينو طلاقا بما كتبه، وإنما أقدم على ذلك للغرض الذي ذكرتَه فلم يلزمه طلاق أصلا، ويترتب على ذلك ما يلي:
1ـ أنه لا يلزمه مراجعة زوجته لعدم وقوع الطلاق أصلا.
2ـ أن العصمة بينهما باقية والمعاشرة مباحة كما هو الحال قبل كتابة الطلاق الصوري المذكور وجميع أولاده وبناته من هذه الزوجة لاحقون به.
3ـ أن هذه الزوجة ترثه إذا كان قد مات وهي في عصمته، لعدم ما يمنع إرثها منه.
وبخصوص قولك: هل من واجب على أبنائه من صلبه تجاه تلك المرأة ـ فإن كنت تقصد بالأبناء أبناء زوجها من زوجة غيرها، فليس ثمت واجب محدد بخصوصها، ولكنه ينبغي لهم الإحسان إلى زوجة أبيهم وصلتها، لأن ذلك من البر بأبيهم، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 127472.
كما يجب على هؤلاء الأبناء صلة رحم إخوتهم من جهة الأب، ويحرم عليهم هجرانهم أو قطيعتهم، وإذا كانت المسألة محل نزاع وشقاق ـ كما ذكرت ـ فإن المحكمة الشرعية هي صاحبة الكلمة الفصل فيها.
والله أعلم.