الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حكى الله هذا الدعاء عن شعيب عليه السلام، وقد دعا به حين كذبه قومه وتوعدوه أن يخرجوه والذين آمنوا معه من أرضهم إن لم يعودوا في ملتهم، فقال عليه السلام مجيبا لهم: أولو كنا كارهين * قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شيء علما على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين {الأعراف:88ـ89}.
ومعناه احكم بيننا وبينهم بالحق وانصرنا عليهم، قال ابن كثير ـ رحمه الله: رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ أَيِ احكم بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ أَيْ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ، فَإِنَّكَ الْعَادِلُ الَّذِي لا يجور أبدا. انتهى.
وقال السعدي ـ رحمه الله: رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ ـ أي: انصر المظلوم، وصاحب الحق، على الظالم المعاند للحق: وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ـ وفتحه تعالى لعباده نوعان: فتح العلم، بتبيين الحق من الباطل، والهدى من الضلال، ومن هو من المستقيمين على الصراط، ممن هو منحرف عنه، والنوع الثاني: فتحه بالجزاء وإيقاع العقوبة على الظالمين، والنجاة والإكرام للصالحين، فسألوا الله أن يفتح بينهم وبين قومهم بالحق والعدل، وأن يريهم من آياته وعبره ما يكون فاصلا بين الفريقين. انتهى.
وإذا علم معنى الآية فإنه إذا وجد مقتض لدعاء الزوجة بهذا الدعاء كأن كانت بينها وبين زوجها خصومة مثلا، وتسأل الله أن يقضي بإحقاق الحق فهذا لا حرج فيه، وأما مع استقامة الحال وعدم ما يقتضي هذا الدعاء فلا ينبغي الدعاء به، بل عليها أن تدعو بأن يقر الله عينها بزوجها، ويؤلف بين قلبيهما ونحو ذلك من الدعاء المناسب للحال.
والله أعلم.