الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى أن ترك توثيق عقد الزواج قد تترتب عليه مفاسد عظيمة، وتضيع بسببه حقوق شرعية خطيرة كالنسب والإرث، وعليه فلا ينبغي التهاون في هذا الأمر.
أما بخصوص العدل الواجب على الزوج في القسم بين زوجاته فهو في المبيت، قال ابن قدامة: وعماد القسم الليل. اهـ
فلا يجوز للزوج أن يبيت عند زوجة أكثر من الأخرى بغير رضاها ـ سواء كانت الزوجات في بلد واحد أو بلاد مختلفة ـ فالواجب على الزوج أن يقيم مع كل زوجة قدر ما يقيم مع الأخرى، إلا أن تسقط إحداهن حقها في القسم، قال ابن قدامة: فإن كان امرأتاه في بلدين فعليه العدل بينهما، لأنه اختار المباعدة بينهما فلا يسقط حقهما عنه بذلك، فإما أن يمضي إلى الغائبة في أيامها وإما أن يقدمها إليه ويجمع بينهما في بلد واحد، فإن امتنعت من القدوم مع الإمكان سقط حقها لنشوزها، وإن أحب القسم بينهما في بلديهما لم يمكن أن يقسم ليلة وليلة فيجعل المدة بحسب ما يمكن كشهر وشهر وأكثر أو أقل على حسب ما يمكنه وعلى حسب تقارب البلدين وتباعدهما.
وانظري الفتوى رقم: 132849.
وعلى ذلك، فالواجب على زوجك أن يعدل بينكما في المبيت إلا أن ترضى إحداكما بإسقاط بعض حقها للأخرى فلا حرج على الزوج حينئذ في مبيته عند زوجة أكثر من الأخرى، وإذا سافرت الزوجة بإذن زوجها لزيارة أهلها فبعض العلماء يرى أن حقها في القسم لا يسقط فيقضي الزوج لها تلك الأيام بعد رجوعها من السفر، قال المرداوي: وإن سافرت لحاجتها بإذنه فعلى وجهين، أحدهما سقوط حقها من القسم والنفقة وهو المذهب والوجه الثاني: لا يسقطان. اهـ
وأما بخصوص النفقة: فلا تشترط التسوية، وإنما الواجب على الزوج أن يوفي كل زوجة حقها وينفق عليها بالمعروف، قال ابن قدامة: وليس عليه التسوية بين نسائه في النفقة والكسوة إذا قام بالواجب لكل واحدة منهن قال أحمد في الرجل له امرأتان: له أن يفضل إحداهما على الأخرى في النفقة والشهوات والكسى إذا كانت الأخرى في كفاية ويشتري لهذه أرفع من ثوب هذه وتكون تلك في كفاية. اهـ
والله أعلم.