الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لنا ولك العافية، ونوصيك بالاستعانة بالله وتحقيق التوكل عليه فهو خير حافظ وهو أرحم الراحمين، قال جل وعلا: أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ {الزمر:36}. وقال جل شأنه: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ { الأنعام: 17 ـ ويونس:107}. وقال عز من قائل: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُه {الطلاق:3}.
ونحب أن ننبهك إلى بعض النصائح والإرشادات التي ذكرها العلماء لدفع العين والسحر ومس الجن وهي:
أولاً: الحذر من الوقوع في الوساوس والأوهام، فالوساوس والأوهام أعراض لأمراض خطيرة: من اختلال التوحيد، وضعف التوكل، وافتقاد العلم النافع، ولهذا قال ابن القيم ـ رحمه الله: والمسحور هو الذي يعين على نفسه، فإنا نجد قلبه متعلقاً بشيء، كثير الالتفات إليه، فيتسلط على قلبه بما فيه من الميل والالتفات.
ثانياً: استعمال التعوذات والرقى الشرعية، يقول ابن القيم ـ رحمه الله: فمن التعوذات والرقى: الإكثار من قراءة المعوذتين وفاتحة الكتاب وآية الكرسي، ومنها التعوذات النبوية نحو: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ونحو: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة، ومن جرّب هذه الدعوات والعوذ عرف مقدار منفعتها وشدة الحاجة إليها.
ولكن لا بد من التنبه إلى أن هذه التعوذات والرقى سلاح، والسلاح ليس بنفسه فقط، إنما بضاربه أيضاً، ولهذا لا بد من التعوذ الصحيح الذي تواطأ عليه القلب واللسان مع صدق التوجه إلى الله تعالى ولا يكفي مجرد القول كما ذكرت.
ثالثا: الالتزام بالطاعات وأهمها الصلاة في الجماعة ولا سيما الفجر ففيها حفظ من الشر وصاحبها في ذمة الله، ومن الخطأ البين ترك الحضور لها في المسجد، ففي الحديث: من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله. رواه الأصبهاني في مستخرجه على صحيح مسلم وغيره، وصححه الألباني.
رابعا: عليك بالمواظبة على الأذكار المقيدة والمطلقة، والإكثار من تلاوة القرآن ولاسيما سورة البقرة والإخلاص والمعوذتين، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة. رواه مسلم.
وفي الحديث: قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاثا تكفيك من كل شيء. رواه النسائي وصححه الألباني.
وأما عن النفث: فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ الإخلاص والمعوذتين عند نومه ثم ينفث في يديه ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات، كما في البخاري.
وكان ينفث في الرقية فقد روى البخاري ومسلم عن عائشة ـ رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى نفث على نفسه بالمعوذات، ومسح عنه بيده، فلما اشتكى وجعه الذي توفي فيه طفقت أنفث على نفسه بالمعوذات التي كان ينفث، وأمسح بيد النبي صلى الله عليه وسلم عنه.
وأما غير ذلك فلم يثبت فيه النفث، كما قدمنا في الفتوى رقم: 114278.
والله أعلم.