الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شيء عليك ـ إن شاء الله ـ ما دمت تحريت وسألته وحلف لك أنه لا يريد الحرام، وغلبة الظن في ذلك تنزل منزلة العلم، كما هو الشأن في أغلب أحكام الشريعة، قال العلوي في مراقيه: بغالب الظن يدور المعتبر. اهـ.
وقال الشاطبي في الاعتصام: الحكم بغلبة الظن أصل في الأحكام.
وقال الجصاص في كتابه الفصول في الأصول: العلم على وجهين: أحدهما: على الحقيقة، والآخر: حكم الظاهر وغلبة الظن، والدليل على ذلك وأنه يسمى علما: قوله تعالى: فإن علمتموهن مؤمنات ـ ومعلوم أنا لا نحيط علما بما في ضمائرهن، وقد سمى الله تعالى ما ظهر لنا من أمرهن علما. اهـ.
وقد سبق أن بينا سابقا أن المسلم لا يجوز له أن يعين على معصية، وإذا علم أن من يعينه سيستخدم ذلك في الشر، أو فيما هو مخالف للشرع، فإنه يكون مشاركاً له في الإثم وعليه مثل وزره، لأنه حينئذ في حكم إعطاء العنب لمن يعصره خمراً، أو السلاح لمن يتخذه للحرابة، فقد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلاله كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص من آثامهم شيئاً.
وانظر الفتوى رقم: 53279.
والله أعلم.