الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه أوَّلا على أن الزوجة لا يجوز لها طلب الطلاق بدون عذر شرعي، لثبوت الوعيد الشديد في ذلك، فقد قال صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه ابن ماجه وغيره وصححه الشيخ الألباني.
والأسباب المبيحة للطلاق سبق بيانها في الفتوى رقم: 116133.
ثم إن كان المقصود بالخيانة الزوجية كون زوجك قد تزوج بزوجة أخري بدون علمك فهذا حق مشروع له، ولا يسمي خيانة زوجية، وليس بعذر مبيح للطلاق، وإن كان المقصود بتلك الخيانة مباشرة الزنا فهذه معصية شنيعة ومنكر عظيم، وعليك نصحه وتخويفه من غضب الله تعالى وعقوبته في الدنيا والآخرة؛ لعله يعود إلى رشده، فإن لم يتب من هذا المنكر وأصر عليه فلا خير في البقاء معه وجاز لك طلب الطلاق، كما في الفتوى رقم: 9966. وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 15726.
ثم إن الطلاق بيد الزوج وهو مصدق في عدم وقوعه، لأنه متمسك بالأصل وهو استمرار العصمة، كما سبق في الفتوى رقم: 35044.
وبناء على ذلك، فزوجك مصدق قضاء في كونه لم يتلفظ بالطلاق، لكنك إذا كنت على يقين من أنه قد تلفظ بالطلاق ثلاثا فإنك بذلك قد أصبحت محرمة عليه عند الجمهور. وبالتالي فعليك الفرار منه ولا يجوز لك تمكينه من نفسك طائعة ويتعين الافتداء منه بما تستطيعين، جاء في المغني لابن قدامة: فإذا طلق ثلاثا وسمعت ذلك وأنكر أو ثبت ذلك عندها بقول عدلين لم يحل لها تمكينه من نفسها وعليها أن تفر منه ما استطاعت وتمتنع منه إذا أرادها وتفتدي منه إن قدرت، قال أحمد: لا يسعها أن تقيم معه وقال أيضا: تفتدي منه بما تقدر عليه, فإن أجبرت على ذلك فلا تزين له ولا تقربه وتهرب إن قدرت، وإن شهد عندها عدلان غير متهمين فلا تقيم معه، وهذا قول أكثر أهل العلم، إلى أن قال: لأن هذه تعلم أنها أجنبية منه محرمة عليه فوجب عليها الامتناع والفرار منه كسائر الأجنبيات. انتهى.
أما على مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية فإن الطلاق لا يقع إلا واحدة، وبالتالي فلزوجك مراجعتك قبل تمام العدة إن لم يكن هذا الطلاق مكملا للثلاث، وما تحصل به الرجعة سبق بيانه في الفتوى رقم: 30719.
ويجدر التنبيه إلى أن قولك: علما أنه لا يحلف كذبا ـ يفهم منه أن ما ذكرت أنك سمعته من قوله: طالق بالثلاثة ليس أمرا متيقنا عندك، وإذا كان الأمر كذلك لم يكن عليك حرج في تمكينه من نفسك، بل هو الواجب عليك.
والله أعلم.