الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس عندنا ما يجزم به في سبب ما ذكرت، ولكن ميل الرجل إلى أمثاله من الرجال أمر مخالف للفطرة المستقيمة، وهو إذا خلا من أن يكون لصاحبه فيه كسب ولم يترتب عليه الوقوع في معصية فلا مؤاخذة عليه، كما لا يؤاخذ بما يحصل في النوم لأن النائم مرفوع عنه القلم.
وقد قال الناظم:
لا يأثم الشخص بالاحتلام * لعدم القصد لدى الأعلام
ولكن ينبغي أن يجتهد صاحبه في مدافعته، وأن يحذر أن يقوده ذلك إلى الوقوع فيما لا يرضي الله من الإثم والفواحش .
وأما إن كان بكسب منه، أو يرتكب بسببه شيئا من المعاصي، فإنه في هذه الحالة يأثم به، فنوصيك بكثرة الدعاء بصدق وعزيمة أن يذهب الله عنك ما تجد، وعليك بطلب العلاج من المختصين النفسيين والتربويين الثقات.
فادع الله تعالى بذل وإلحاح أن يرزقك العفة وأن يصرف عنك ما تجد، ومن أهم ما يدعى به الدعاء المأثور في صحيح مسلم: اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى. والدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي قال له: يا رسول الله علمني دعاء أنتفع به، قال: قل: اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي وبصري وقلبي ومنيي - يعني فرجه-. رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه الألباني. واستوف آداب الدعاء، وتحر في دعائك أوقات الإجابة الفاضلة كثلث الليل الآخر وأثناء السجود وبين الأذان والإقامة، وعند الفطر من الصيام، وآخر ساعة بعد العصر يوم الجمعة.
وما ذكرت من حالك لا ينبغي أن يكون عائقا لك عن النكاح، بل هو من كيد الشيطان، فإن الشرع جعل الزواج أمثل حل لمن يريد العفة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. متفق عليه.
وجاء في الشرح الكبير لابن قدامة: من يخاف على نفسه مواقعة المحظور إن ترك النكاح فهذا يجب عليه في قول عامة الفقهاء لأنه يلزمه إعفاف نفسه وصرفها عن الحرام، وطريقه النكاح. انتهى.
واستعن في إصلاح حالك بالدعاء في هذا الشهر عند الفطر فللصائم عند فطره دعوة ما ترد، كما في الحديث.
والله أعلم.