الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأكثر أهل العلم على أن تحريم الزوجة يكون طلاقا وليس بظهار، جاء في المغني لابن قدامة: وأكثر الفقهاء على أن التحريم إذا لم ينو به الظهار ليس بظهار وهو قول مالك وأبي حنيفة والشافعي ووجه ذلك الآية المذكورة. انتهى.
وجاء في المجموع للنووي: إذا قال لامرأته: أنت علي حرام ونوى به الطلاق فهو طلاق، لأنه يحتمل التحريم بالطلاق، وإن نوى به الظهار فهو ظها ر، لأنه يحتمل التحريم بالظهار ولا يكون ظهارا ولا طلاقا من غير نية لأنه ليس بصريح في واحد منهما. انتهى.
وفي الإنصاف للمرداوي: لو قال أنت علي حرام أعني به الطلاق وقلنا الحرام صريح في الظهار فقال في القاعدة الثانية والثلاثين فهل يلغو تفسيره ويكون ظهارا أو يصح ويكون طلاقا على روايتين. انتهى.
قلت الذي يظهر أنه طلاق قياسا على نظيرتها المتقدمة. انتهى.
وفي الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين: فإن قال: أنا أردت بقولي: إنها علي حرام، الطلاقَ، قلنا: إذا أردت الطلاق، فإن هذا اللفظ قابل لهذه النية، لأن المطلقة حرام على زوجها، حتى وإن كانت رجعية فليست كالزوجات، فإذا أردت بهذا اللفظ ـ الصالحِ للفراقِ ـ طلاقاً صار طلاقاً، لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى. انتهى.
وظاهر مذهب الإمام أحمد أن تحريم الزوجة يكون ظهارا ولو مع نية الطلاق، جاء في الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية: وإذا قال لزوجته: أنت علي حرام فهو ظهار، وإن نوى الطلاق وهو ظاهر مذهب أحمد. انتهى.
وبناء على ما سبق، فإن كنت قد علقت تحريم زوجتك على أمر وحصل الحنث وقد نويتَ طلاقها كما ذكرتَ فقد وقع الطلاق عند أكثر أهل العلم ولا تلزمك كفارة ظهار. وبالتالي، فلك مراجعة زوجتك قبل تمام عدتها إن لم يكن هذا الطلاق مكملا للثلاث، وما تحصل به الرجعة سبق بيانه في الفتوى رقم: 30719.
وفتوى الشيخ ابن باز موافقة لظاهر مذهب الإمام أحمد، لكنها مخالفة للراجح وهو مذهب أكثر أهل العلم والعمل بالراجح واجب، وراجع الفتوى رقم: 5583.
أما كفارة اليمين فلا تلزمك على كل حال، وبخصوص قولك: وعندما أردت أن أنام معها تذكرت قول الكريم: ولا تماسوهن ـ لعلك تقصد النهي عن معاشرة الزوجة المظاهَر منها قبل إخراج كفارة الظهار والوارد في قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ {المجادلة: 3-4}.
مع التنبيه على أنه يجوز للشخص استفتاء أكثر من مفت ليطمئن إلى الحكم الشرعي فيما أشكل عليه، لكن لا يجوز له التنقل بين المفتين طلبا للرخصة، لأن ذلك من اتباع الهوى، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 140798.
والله أعلم.