الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذا جزء من الآية (235) من سورة البقرة، وأولها: وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ.
وقد أباح الله تعالى في هذه الآية للمؤمنين أن يعرضوا تعريضًا بخطبة المعتدات من وفاة، أو أن يكنّوا ذلك في أنفسهم، ويعزموا على تزوجهن بعد انقضاء عدتهن، وأخبر أنه سبحانه وتعالى يعلم أنهم سيذكرونهن إما سرًّا في أنفسهم، أو علنًا بألسنتهم، فرخص في التعريض دون التصريح، وقال: وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا. فنهى عن أخذ ميثاقهن، وعهدهن أن لا ينكحن غيرهم.
أما وقوله: إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا. فالاستثناء فيه منقطع، أي: لكن يجوز لكم أن تقولوا لهن قولًا معروفًا، والقول المعروف هو التعريض الذي أبيح في أول الآية.
وباقي الآية معناه واضح، وهو توضيح وتأكيد لما سبق.
ويؤخذ من الآية أحكام كثيرة، ليس هذا محل بسطها، فراجع لذلك كتب التفسير، كالقرطبي، وغيره.
وليس في الآية مستند لجواز التعرف على النساء، إلا لمن أراد أن يتزوج إحداهنّ، وكان ذلك في حدود ما شرع الله تعالى، من النظر إلى المرأة التي يريد الخاطب الزواج منها، ويكون ذلك بحضرة أحد محارمها، ثم يكف بعد ذلك؛ حتى يتم العقد عليها.
والله أعلم.