هل كل تقصير في حق الوالدين يعد عقوقا؟

6-9-2011 | إسلام ويب

السؤال:
توفيت والدتي ـ رحمها الله ـ منذ فترة قريبة، وأنا منذ إنهائي لدراستي أقوم على خدمتها وأحمد ربي على أن وفقني لهذا العمل، وأسأله أن يتقبله مني كانت تحدث بيننا مشادات عادية كأي أم وابنتها، ولكن سرعان ما أتذكر أمر الله لي وبر الوالدين وأن العقوق يعتبر من الكبائر، فكنت أستغفرالله وأرضيها دائما، وكنت أدعو الله دائما أن يرزقني برها على الوجه الذي يرضيه عني، وفي مرض موتها كانت تأتيني وساوس فأنا أصلا أعاني من وساوس قهرية كانت تأتيني وساوس وحديث نفس عن أمي ومرضها، وأنني أتمني أن أتزوج وسني يتقدم ولكن لمن سأتركها وأنا متعلقة بها، وهي لا ترتاح أن يخدمها أحد إلا أنا، وكانت نفسي توسوس لي حول هذه الأمور وغيرها وحول مرضها، ولكني كنت أستغفرالله دائما وأتوب إليه، وأسأله أن يقيني شر نفسي، وكنت أجتهد في خدمتها أكثر، ويشهد ربي أنني كنت أفرح لخدمتها وأقول إن كل عمل أقوم به قامت هي بأضعافه معي وأنا صغيرة حتى وصلت لهذا السن، فكنت أفرح عندما أطعمها بيدي أو عندما أهتم بها كأنها ابنتي أو طفلتي الصغيرة، وعندما حدثت الوفاة أحسست بتأنيب الضمير لهذه الوساوس وحديث النفس الذي كان يأتيني، وسألت الله المغفرة والعفو عني وتحولت هذه الأفكار إلى أن هذا عقوق، وأنني كنت أتمني أن يحدث هذا حتى ألتفت لحياتي وأنني قصرت في حقها، وأن الأمر سيرد لي في ذريتي إذا قدر الله عز وجل لي الذرية، ومن كثرة هذه الوساوس على نفسي حدثت بها أختي، فهل أعتبر عاقة لتفكيري في هذه الوساوس؟ وهل حديثي مع أختي عن الوساوس والأفكار التي كانت تأتيني فيه إثم علي؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فليس فيما ذكرت عقوق لأمك، بل الظاهر ـ والله أعلم ـ أنك كنت بارة بها، واعلمي أنه حتى لو حصل منك بعض التقصير في حق أمك فإن ذلك مظنة العفو من الله ما دمت كنت حريصة على برها، قال تعالى: رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا {الإسراء: 25}.

قال القرطبي: وقال ابن جبير: يريد البادرة التي تبدر كالفلتة والزلة تكون من الرجل إلى أبويه أو أحدهما لا يريد بذلك بأسا، قال الله تعالى: إن تكونوا صالحين ـ أي صادقين في نية البر بالوالدين فإن الله يغفر البادرة وقوله: فإنه كان للأوابين غفورا ـ وعد بالغفران مع شرط الصلاح والأوبة بعد الأوبة.

فأبشري خيرا ببركة هذا البر في الدنيا والآخرة، واحذري من التمادي مع هذه الوساوس وأعرضي عنها جملة وتفصيلا، فإن التمادي معها عواقبه وخيمة، كما أنه لا إثم عليك في تحديث أختك الحديث المذكور، ومما يعين على التخلص من هذه الوساوس: الاستعانة بالله وصدق اللجوء إليه وكثرة الدعاء، و راجعي الفتاوى التالية أرقامها: 39653 10340 97944 3086 51601.

والله أعلم.

www.islamweb.net