الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الشرع بصلة الرحم ونهى عن قطعها حتى لمن يقطعها، وانظري الفتوى رقم: 77480، ولم يحدد الشرع لصلة الرحم أسلوباً معيناً أو قدراً محدداً، وإنما المرجع في ذلك إلى العرف واختلاف الظروف، فتحصل الصلة بالزيارة والاتصال والمراسلة والسلام وكل ما يعده العرف صلة.
قال القاضي عياض: وللصلة درجات بعضها أرفع من بعض، وأدناها ترك المهاجرة وصلتها بالكلام ولو بالسلام، ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة؛ فمنها واجب ومنها مستحب ولو وصل بعض الصلة ولم يصل غايتها لا يسمى قاطعا، ولو قصر عما يقدر عليه وينبغي له أن يفعله لا يسمى واصلا. نقله العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري.
وأما مقاطعة الأخت بسبب وقوعها في المعاصي فالأمر في ذلك يدور مع المصلحة، فإن كانت المقاطعة تفيد في ردّها إلى الصواب فالمقاطعة أولى، وإن كان الأصلح لها الصلة مع مداومة النصح فهو أولى، وانظري الفتوى رقم : 14139
وأما عن زواجها بغير إذن أبيها؛ فإن كان العقد تم بغير ولي فهو باطل عند الجمهور، وانظري الفتوى رقم: 111441، وأما إذا كان العقد قد تم بولي أبعد كأخيها أو عمها مع كون أبيها أهلا للولاية، ولكن الأب رضي بعد ذلك، ففي صحة زواجها خلاف بين العلماء.
قال ابن هبيرة: واختلفوا فيما إذا عقد الأبعد من عصباتها مع القدرة على أن يعقد الأقرب ولم يكن ( بشاح ) ولا عضل. فقال الشافعي وأحمد: لا يصح النكاح. وقال أبو حنيفة : إذا عقد الولي الأبعد مع القدرة على عقد الولي الأقرب فإنه ينعقد موقوفا على إجازة الأقرب أو إلى أن تبلغ الصغيرة فتختار إن شاءت. وقال مالك : الولاية في النكاح نوعان؛ أحدهما: ولاية إجبار تثبت من غير استئذان كولاية الأب على الصغيرة، والآخر : ولاية إذن .
ولكن يقدم الأقرب فالأقرب كالأخ يقدم على العم، فإذا تقدم الأبعد على الأقرب من غير استئذان جاز إذا لم (يتشاحا) ذلك. اختلاف الأئمة العلماء.
فمن ذلك يتبين لك أن الواجب هو إعادة هذا العقد، وخصوصا إذا كانت أختك قد أوقعته وهي بكر؛ لأن الجماهير على البطلان حينئذ.
والله أعلم.