الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجمهور على أنّ الطلاق المعلّق يقع إذا وقع ما علّق عليه -وهو المفتى به عندنا- خلافاً لشيخ الإسلام ابن تيمّية الذي يرى عدم وقوع الطلاق المعلق إذا قصد به التهديد وأنّه يمكن حلّه بكفارة يمين، وانظري الفتوى رقم : 19162
وإذا علق الزوج طلاق زوجته على صفة ثم طلقها طلاقا منجزا (دون الثلاث) فإن التعليق باق بحاله، بل وحتى لو لم يراجعها حتى انتهت عدتها ثم تزوجها ثانية فإنها إذا فعلت المعلق عليه تطلق.
قال ابن قدامة: إذَا عَلَّقَ طَلاقَ امْرَأَتِهِ بِصِفَةٍ, ثُمَّ أَبَانَهَا بِخُلْعٍ أَوْ طَلاقٍ, ثُمَّ عَادَ فَتَزَوَّجَهَا, وَوُجِدَتْ الصِّفَةُ طَلُقَتْ. وَمِثَالُهُ إذَا قَالَ: إنْ كَلَّمْت أَبَاك فَأَنْتِ طَالِقٌ. ثُمَّ أَبَانَهَا بِخُلْعٍ, ثُمَّ تَزَوَّجَهَا, فَكَلَّمَتْ أَبَاهَا, فَإِنَّهَا تَطْلُقُ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. المغني.
وعليه؛ فإنك إن فعلت ما علق زوجك عليه الطلاق بعد رجوعك له فإنك تطلقين بذلك، لكن ننبه إلى أن الزوج إن كان قصد تعليق الطلاق على فعل في زمن معين فإن التعليق يختص بذلك الزمن. كما لو علق طلاقها على دخول الدار وكان ينوي دخولها في هذا اليوم فقط فإنها إذا دخلت في يوم آخر لم تطلق، وذلك لأن النية في اليمين تخصص العام وتقيد المطلق.
قال ابن قدامة: وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله انصرفت يمينه إليه سواء كان ما نواه موافقا لظاهر اللفظ أو مخالفا له ......... ومنها: أن يحلف على فعل شيء أو تركه مطلقا وينوي فعله أو تركه في وقت بعينه. المغني.
وننصح هذا الزوج بالابتعاد عن الحلف بالطلاق لثبوت النهي عنه ولأنه من أيمان الفساق، وقد يترتب على ذلك ما لا تحمد عقباه فيندم حين لا ينفع الندم، وراجعي الفتوى رقم: 58585
والله أعلم.